فهو إيقاع واحد مطرد. ذو نغمات متعددة. ولكنها كلها تؤلف ذلك الإيقاع، وتطلق ذلك الحداء. الحداء بالقلب البشري إلى السماء! وقد وردت إشارات سريعة إلى حلقة من قصة إبراهيم ولوط، وقصة موسى، وقصة عاد، وقصة ثمود، وقصة قوم نوح. وفي الإشارة إلى قصة إبراهيم تلك اللمحة عن المال كما أن فيها لمحة عن الغيب المكنون في تبشيره بغلام عليم، ورزقه هو وامرأته به على غير ما توقع ولا انتظار. وفي بقية القصص إشارة إلى تصديق وعد اللّه الذي أقسم عليه في أول السورة :«إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ» والذي أشار إليه في ختامها إنذارا للمشركين :«فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ».. بعد ما ذكر أن أجيال المكذبين كأنما تواصت على التكذيب :«كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا : ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ. أَتَواصَوْا بِهِ؟ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ!»..
فالقصص في السورة - على هذا النحو - مرتبط بموضوعها الأصيل. وهو تجريد القلب لعبادة اللّه، وتخليصه من جميع العوائق، ووصله بالسماء. بالإيمان أولا واليقين. ثم برفع الحواجز والشواغل دون الرفرفة والانطلاق إلى ذلك الأفق الكريم. (١)
خلاصة ما تضمنته السورة الكريمة
(١) دلائل البعث من العجائب الطبيعية والعلوم النفسية.
(٢) جزاء المتقين بما يلقونه من النعيم يوم القيامة.
(٣) أخبار الأمم السالفة التي كذبت رسلها.
(٤) تسلية النبي - ﷺ - على ما يلقاه من أذى قومه.
(٥) الفرار إلى اللّه من هذه الدنيا المحفوفة بالمخاطر.
(٦) النهى عن الإشراك باللّه.
(٧) إخبار رسوله بأن قومه ليسوا ببدع فى التكذيب بك فقد كذب رسل من قبلك.
(٨) أمره - ﷺ - بالإعراض عنهم، وتذكير من تنفعه الذكرى من المؤمنين.
(٩) إخباره بأن اللّه ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه.
(١٠) وعيد الكافرين بأن العذاب سيحل بهم يوم القيامة.
(١١) إن المشركين سينالهم نصيب من العذاب مثل نصيب نظرائهم من المكذبين. (٢)
=================

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٦ / ٣٣٧٣)
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٧ / ١٥)


الصفحة التالية
Icon