١ - سورة « النجم » من السور المكية الخالصة، وعدد آياتها ثنتان وستون آية في المصحف الكوفي، وإحدى وستون في غيره، وكان نزولها بعد سورة « الإخلاص »، فهي تعتبر من أوائل ما نزل على النبي - ﷺ - من قرآن، إذ لم يسبقها في النزول سوى اثنتين وعشرين سورة، أما ترتيبها في المصحف، فهي السورة الثالثة والخمسون.
٢ - ويبدو أنها سميت بهذا الاسم منذ عهد النبوة..
قال الآلوسى : سورة « والنجم ». وتسمى - أيضا - سورة النجم - بدون واو -.
وهي مكية على الإطلاق. وفي الإتقان : استثنى منها : الذين يجتنبون كبائر الإثم... إلى آخر الآية... وهي - كما أخرج ابن مردويه - عن ابن مسعود قال : أول سورة أعلن النبي - ﷺ - بقراءتها، فقرأها في الحرم والمشركون يسمعون.
وأخرج البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عنه قال : أول سورة أنزلت فيها سجدة سورة « والنجم »، فسجد رسول اللّه - ﷺ - وسجد الناس كلهم إلا رجلا رأيته يأخذ كفا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا، وهو أمية بن خلف.. وذكر أبو حيان أن سبب نزولها، قول المشركين : إن محمدا - ﷺ - يختلق القرآن...
٣ - وقد افتتحت السورة الكريمة بقسم منه - سبحانه - بالنجم، على صدق النبي - ﷺ - فيما يبلغه عن ربه، ثم وصف - سبحانه - جبريل - عليه السلام - وهو أمين الوحى، بصفات تدل على قوته وشدته، وعلى أن النبي - ﷺ - قد رآه على هيئته التي خلقه اللّه عليها. قال - تعالى - : وَالنَّجْمِ إِذا هَوى. ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى. وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى. ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى.
٤ - ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك إلى الحديث عن الآلهة المزعومة فبينت أن هذه الآلهة إنما هي أسماء أطلقها الجاهلون عليها، دون أن يكون لها أدنى نصيب من الصحة، وأن العبادة إنما تكون للّه وحده. قال - سبحانه - : أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى. أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى. إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ.
٥ - ثم أرشد اللّه - تعالى - رسوله - ﷺ - إلى الطريق الحكيم الذي يجب عليه أن يسلكه في دعوته، وسلاه عما لحقه من المشركين من أذى، فقال - سبحانه - : فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا، ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى.


الصفحة التالية
Icon