عليه وسلم فقال : كذبت يهود ما من نسمة يخلقها اللّه في بطن أمها إلا أنه شقي أو سعيد فأنزل اللّه تعالى عند ذلك هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ الآية كلها»
وأنه تعالى لما قال هناك في المؤمنين : أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الطور : ٢١] إلخ قال سبحانه هنا في الكفار، أو في الكبار : وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى [النجم : ٣٩] خلاف ما دخل في المؤمنين الصغار، ثم قال : وهذا وجه بديع في المناسبة من وادي التضاد، وفي صحة كون قوله تعالى : هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ الآية نزل لما ذكر نظر عندي، وكون قوله تعالى أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ في الصغار لم يتفق عليه المفسرون كما سمعت غير بعيد، نعم من تأمل ظهر له وجوه من المناسبات غير ما ذكر فتأمل. (١)
* سورة النجم مكية، وهي تبحث عن موضوع الرسالة في إطارها العام، وعن موضوع الإيمان بالبعث والنشور، شأن سائر السور المكية. " ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن موضوع " المعراج " الذي كان معجزة لرسول الإنسانية محمد بن عبد الله ( - ﷺ - )، والذي رأى فيه الرسول الكريم عجائب وغرائب في ملكوت الله الواسع، مما يدهش العقول ويحير الألباب، وذكرت الناس بما يجب عليهم من الإيمان والتصديق، وعدم المجادلة والمماراة في مواضيع الغيب والوحي [ والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحى يوحى.. ] الآيات.
* ثم تلاها الحديث عن الأوثان والأصنام التي عبدها المشركون من دون الله، وبينت بطلان تلك الآلهة المزعومة، وبطلان عبادة غير الله، سواء في ذلك عبادة الأصنام، أو عبادة الملائكة الكرام [ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى.. ] ؟ الآيات. " ثم تحدثت عن الجزاء العادل يوم الدين، حيث تجزى كل نفس بما كسبت، فينال المحسن جزاء إحسانه، والمسيء جزاء إساءته، ويتفرق الناس إلى فريقين : أبرار، وفجار [ ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.. ] الآيات.
* وقد ذكرت برهانا على الجزاء العادل، بأن كل إنسان ليس له إلا عمله وسعيه، وأنه لا تحمل نفس وزر أخرى، لأن العقوبة لا تتعدى غير المجرم، وهو شرع الله المستقيم، وحكمه العادل الذي بينه في القرآن العظيم، وفي الكتب السماوية السابقة [ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى.. ] الآيات. " وذكرت السورة الكريمة آثار قدرة الله جل وعلا في الإحياء والإماتة، والبعث بعد الفناء، والإغناء والإفقار، وخلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى [ وأن إلى ربك

(١) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٤ / ٤٤)


الصفحة التالية