* وتحدثت السورة عن أهل الإيمان، وأهل النفاق، فالمؤمنون يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، والمناققون يتخبطون في الظلمات، كما كانوا في الدنيا يعيشون كالبهائم، في ظلمات الجهل والغي والضلال [ يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم.. ] الآيات.
* وتحدثت السورة عن حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة، وصورتهما أدق تصوير، فالدنيا دار الفناء، فهي زائلة فانية، كمثل الزرع الزاهي الخصيب، الذي ينبت بقوة بنزول الغيث، ثم يصفر ويذبل، حتى يصير هشيما وحطاما تذروه الرياح، بينما الآخرة دار الخلود، والبقاء، التي لا نصب فيها ولا تعب، ولا هم ولا شقاء [ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو، وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد.. ] الآيات.
* وختمت السورة الكريمة بالغاية من بعثة الرسل الكرام، والأمر بتقوى الله عز وجل، والاقتداء بهدي رسله وأنبيائه [ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته... ] الآيات إلى نهاية السورة الكريمة.
التسمية : سميت السورة " سورة الحديد " لذكر الحديد فيها، وهو قوة الإنسان فى السلم والحرب، وعدته في البنيان والعمران، فمن الحديد تبنى الجسور الضخمة، وتشاد العمائر، وتصنع الدروع، والسيوف والرماح، وتكون الدبابات والغواصات والمدافع الثقيلة إلى غير ما هنالك من منافع. (١)
مقصودها بيان عموم الرسالة لعموم الإلهية بالبعث إلى الأزواج الثلاثة المذكورة في السورتين الماضيتين من الثقلين تحقيقا لأنه سبحانه مختص بجميع صفات الكمال تحقيقا لتنزهه عن كل شائبة نقص المبدوء به هذه السورة المختوم به ما قبلها الراد لقولهم ) أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون ) [ الواقعة : ٤٧ - ٤٨ ] المقتضي لجهاد من يحتاج إلى الجهاد ممن عصى رسول الله ( - ﷺ - ) بالسيف وما ترتب عليه من النفقة ردا لهم عن النقائص الجسمانية وإعلاء إلى الكمالات الروحانية التي دعا إليها الكتاب حذرا من سوء الحساب يوم التجلي للفصل بين العباد بالعدل ليدخل أهل الكتاب وغيرهم في الدين طوعا أو كرها، ويعلم أهل الكتاب الذين كانوا يقولون : ليس أحد أفضل منهم، فضيلة هذا الرسول ( - ﷺ - ) على جميع من تقدمه من الرسل عليهم الصلاة والسلام بعموم رسالته وشمول خلافته، وانتشار دعوته وكثرة أمته تحقيقا لأنه لا حد لفائض رحمته سبحانه لتكون هذه السورة التي هي آخر النصف الأول والتي بعدها التي هي أول النصف الثاني من حيث العدد غاية للمقصود من السورة التي هي أوله عند الالتفات والرد كما كانت السورة التي غاية النصف الأول في المقدار وهي الإسراء، وكذا السورة التي هي أول النصف الثاني وهي

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٣٠٧)


الصفحة التالية
Icon