والتفريق بين الموقفين : موقف الإيمان وموقف الكفر والنفاق يبين أن الحب ينبغي أن يكون للّه، والبغض للّه، وأن اكتمال الإيمان يتطلب معاداة أعداء اللّه (الآية : ٢٢). (١)
مدنية على الصحيح، وعدد آياتها اثنتان وعشرون آية. وهي كيفية السور المدنية تعالج أمراض المجتمع ببيان التشريع السليم للمشكلات وبيان الآداب الإسلامية في المجتمعات، مع لفت أنظار المسلمين إلى أعدائهم في الدين وتحديد علاقتهم بهم. (٢)
بفتح الدال وكسرها، والثاني هو المعروف، وتسمى سورة - قد سمع - وسميت في مصحف أبيّ رضي اللّه تعالى عنه الظهار، وهي على ما روي عن ابن عباس وابن الزبير رضي اللّه تعالى عنهم مدنية وقال الكلبي وابن السائب إلا قوله تعالى : ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ [المجادلة : ٧]، وعن عطاء : العشر الأول منها مدني وباقيها مكي، وقد انعكس ذلك على البيضاوي، وأنها إحدى وعشرون في المكي والمدني الأخير، واثنتان وعشرون في الباقي، وفي التيسير هي عشرون وأربع آيات وهو خلاف المعروف في كتاب العدد.
ووجه مناسبتها لما قبلها أن الأولى ختمت بفضل اللّه تعالى وافتتحت هذه بما هو من ذلك، وقال بعض الأجلة في ذلك : لما كان في مطلع الأولى ذكر صفاته تعالى الجليلة، ومنها الظاهر والباطن، وقال سبحانه : يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ [الحديد : ٤] افتتح هذه بذكر أنه جل وعلا سمع قول المجادلة التي شكت إليه تعالى، ولهذا قالت عائشة فيما رواه النسائي وابن ماجة والبخاري تعليقا حين نزلت :«الحمد للّه الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى اللّه تعالى عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل اللّه تعالى قَدْ سَمِعَ [المجادلة : ١]» إلخ، وذكر سبحانه بعد ذلك أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ الآية، وهي تفصيل لإجمال قوله تعالى : وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وبذلك تعرف الحكمة في الفصل بها بين الحديد والحشر مع تواخيهما في الافتتاح - بسبح - إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتأمل. (٣)
* سورة المجادلة مدنية، وقد تناولت أحكاما تشريعية كثيرة كأحكأم الظهار، والكفارة التي تجب على المظاهر، وحكم التناجى، وآداب المجالس، وتقديم الصدقة عند مناجاة الرسول ( - ﷺ - )، وعدم مودة أعداء الله، إلى غير ذلك، كما تحدثت عن المنافقين وعن اليهود.

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٢٨ / ٥) و تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٦ / ١١٩)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٦٢٧)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٤ / ١٩٧)


الصفحة التالية
Icon