فخالفوا عليه قريشا عند الكعبة فأخبر جبريل عليه السلام الرسول صلّى اللّه تعالى عليه وسلم بذلك فأمر بقتل كعب فقتله محمد بن سلمة غيلة وهو عروس بعد أن أخذ بفود رأسه أخوه رضاعا أو نائلة سلكان بن سلامة أحد بني عبد الأشهل، وكان عليه الصلاة والسلام قد اطلع منهم على خيانة حين أتاهم يستعينهم في دية المسلمين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري عند منصرفه من بئر معونة فهموا بطرح الحجر عليه صلى اللّه تعالى عليه وسلم فعصمه اللّه تعالى، وبعد أن قتل كعب بأشهر على الصحيح لا على الأثر كما قيل : أمر صلى اللّه تعالى عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم وكان ذلك سنة أربع في شهر ربيع الأول وكانوا بقرية يقال لها : الزهرة فسار المسلمون معه عليه الصلاة والسلام وهو على حمار مخطوم بليف.
وقيل : على جمل واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم حتى إذا نزل صلّى اللّه تعالى عليه وسلم بهم وجدهم ينوحون على كعب، وقالوا : ذرنا نبكي شجونا ثم ائتمر أمرك فقال : اخرجوا من المدينة فقالوا : الموت أقرب لنا من ذلك فتنادوا بالحرب، وقيل : استمهلوه عليه الصلاة والسلام عشرة أيام ليتجهزوا للخروج ودس المنافقون عبد اللّه بن أبيّ وأضرابه إليهم أن لا يخرجوا من الحصن فإن قاتلوكم فنحن معكم ولننصرنكم وإن أخرجتم لنخرجن معكم فدربوا على الأزقة وحصنوها ثم أجمعوا على الغدر برسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه وسلم فقالوا : اخرج في ثلاثين من أصحابك ويخرج منا ثلاثون ليسمعوا منك فإن صدقوك آمنا كلنا ففعل فقالوا : كيف نفهم ونحن ستون اخرج في ثلاثة ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا ففعل عليه الصلاة والسلام فاشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك فأرسلت امرأة منهم ناصحة إلى أخيها وكان مسلما فأخبرته بما أرادوا فأسرع إلى الرسول صلّى اللّه تعالى عليه وسلم فسارّه بخبرهم قبل أن يصل إليهم فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم - على ما قال ابن هشام في سيرته - ست ليال، وقيل : إحدى وعشرين ليلة فقذف اللّه تعالى في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين فطلبوا الصلح فأبى عليه الصلاة والسلام عليهم إلا الجلاء على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاؤوا من المتاع فجلوا إلى الشام إلى أريحا وأذرعات إلا أهل بيتين منهم آل سلام ابن أبي الحقيق وآل كنانة بن الربيع ابن أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب فلحقوا بخيبر ولحقت طائفة بالحيرة وقبض النبي صلّى اللّه تعالى عليه وسلم أموالهم وسلاحهم فوجد خمسين درعا وخمسين بيضة وثلاثمائة وأربعين سيفا وكان ابن أبيّ قد قال لهم : معي ألفان من قومي وغيرهم أمدكم بها وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان فلما نازلهم صلّى


الصفحة التالية
Icon