وأردف بالرخصة في حسن معاملة الكفرة الذين لم يقاتلوا المسلمين قتال عداوة في دين ولا أخرجوهم من ديارهم. وهذه الأحكام إلى نهاية الآية التاسعة.
وحكم المؤمنات اللاء يأتين مهاجرات واختبار صدق إيمانهن وأن يحفظن من الرجوع إلى دار الشرك ويعوض أزواجهن المشركون ما أعطوهن من المهور ويقع التراد كذلك مع المشركين.
ومبايعة المؤمنات المهاجرات ليعرف التزامهن لأحكام الشريعة الإسلامية. وهي الآية الثانية عشرة.
وتحريم تزوج المسلمين المشركات وهذا في الآيتين العاشرة والحادية عشرة.
والنهي عن موالاة اليهود وأنهم أشبهوا المشركين وهي الآية الثالثة عشرة. (١)
مناسبتها لما قبلها
كان مما تحدثت به السورة السابقة (الحشر) هذا الحديث الذي يكشف عن وجوه المنافقين، الذي جعلوا بينهم وبين الذين كفروا من أهل الكتاب مودة قائمة على العداوة والكيد، للنبى وللمؤمنين، وأن هذه المودة قد كانت شؤما وبلاء على أهلها من هؤلاء وأولئك جميعا..
وتبدأ سورة الممتحنة بهذا التحذير للمؤمنين، أن يأخذوا هذا الاتجاه المهلك الذي اتخذه الذين نافقوا ممن كانوا فى المؤمنين.. فهذا التحذير الذي يجىء عقب هذا البلاء الذي حلّ بأحلاف الضلال ـ هو أشبه بالضرب على الحديد وهو ساخن ـ كما يقولون ـ حيث يظهر أثر هذا الضرب عليه، ويستجيب للصورة التي يراد تشكيله عليها.. فإنه ما إن ينتهى الذي يتلو سورة (الحشر) من تلاوتها، حتى تلقاه سورة (الممتحنة) لتعيده مرة أخرى إلى هذه الصورة التي تمثلت له مما حل بالمنافقين وأحلافهم من اليهود، ولتقيم بين يديه منها، هاوية يهوى إليها كل من يأخذ هذا الطريق الضال، فيجعل بينه وبين أعداء اللّه ورسوله ألفة ومودة. فإنه إن يفعل تردّى فى هذه الهاوية السحيقة التي تردّى فيها المنافقون الذين وقف على مصارعهم منذ قليل.. فلينظر من كان له نظر.. وليختر الطريق الذي يحلوله..!! (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « الممتحنة » هي السورة الستون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فكان بعد سورة الأحزاب، وقبل سورة النساء، وهي من السور المدنية الخالصة، وعدد آياتها ثلاث عشرة آية.
واشتهرت بهذا الاسم منذ العهد النبوي، إلا أن منهم من يقرؤها بفتح الحاء، على أنها صفة للمرأة التي نزلت فيها، ومنهم من يقرؤها بكسر الحاء على أنها صفة للسورة.
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٤ / ٨٨٩)