حد الكفر وذلك جامع لخلاصة تكوين أمة إسرائيل وجامعتهم في عهد موسى، ثم ما كان من أهم أحداثهم مع الأنبياء الذين قفوا موسى إلى أن تلقوا دعوة الإسلام بالحَسد والعداوة حتى على المَلَك جبريل، وبيان أخطائهم، لأن ذلك يلقي في النفوس شكاً في تأهلهم للاقتداء بهم. وذكر من ذلك نموذجاً من أخلاقهم من تعلق الحياة :( ولتجدن أحرص الناس على حياة ( ( البقرة : ٩٦ )، ومحاولة العمل بالحسر ) واتبعوا ما تتلوا الشياطين الخ ( ( البقرة : ١٠٢ ) وأذَى النبي بموجّه الكلام ) لا تقولوا راعنا ( ( البقرة : ١٠٤ ).
ثم قُرن اليهود والنصارى والمشركون في قَرن حسدهم المسلمين والسخط على الشريعة الجديدة :( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين إلى قوله : ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( ( البقرة : ١٠٥ ١١٢ )، ثم ما أثير من الخلاف بين اليهود والنصارى وإدعاء كل فريق أنه هو المحق :( وقالت اليهود ليست النصارى على شيء إلى يختلفون ( ( البقرة : ١١٣ ) ثم خُص المشركون بأنهم أظلم هؤلاء الأصناف الثلاثة لأنهم منعوا المسلمين من ذكر الله في المسجد الحرام وسعوا بذلك في خرابه وأنهم تشابهوا في ذلك هم واليهود والنصارى واتحدوا في كراهية الإسلام.
وانتقل بهذه المناسبة إلى فضائل المسجد الحرام، وبانيه، ودعوته لذريته بالهدى، والاحتراز عن إجابتها في الذين كفروا منهم، وأن الإسلام على أساس ملة إبراهيم وهو التوحيد، وأن اليهودية والنصرانية ليستا ملة إبراهيم، وأن من ذلك الرجوع إلى استقبال الكعبة ادخره الله للمسلمين آية على أن الإسلام هو القائم على أساس الحنيفية، وذكر شعائر الله بمكة، وإبكات أهل الكتاب في طعنهم على تحويل القبلة، وأن العناية بتزكية النفوس أجدر من العناية باستقبال الجهات :( ليس البر أن تولوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب ( ( البقرة : ١٧٧ ). وذكروا بنسخ الشرائع لصلاح الأمم وأنه لا بدع في نسخ شريعة التوراة أو الإنجيل بما هو خير منهما.
ثم عاد إلى محاجة المشركين بالاستدلال بآثار صنعة الله :( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك الخ ( ( البقرة : ١٦٤ )، ومحاجة المشركين في يوم يَتبرأون فيه من قادتهم، وإبطال مزاعم دين الفريقين في محرمات من الأكل :( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ( ( البقرة : ١٧٢ )، وقد كمل ذلك بذكر صنف من الناس قليل وهم المشركون الذين لم يظهروا الإسلام ولكنهم أظهروا مودة المسلمين :( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ( ( البقرة : ٢٠٤ ).
ولما قضى حق ذلك كله بأبدع بيان وأوضح برهان، انتُقل إلى قسم تشريعات الإسلام إجمالاً بقوله :( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ( ( البقرة : ١٧٧ )، ثم تفصيلاً : القصاص، الوصية، الصيام، الاعتكاف، الحج، الجهاد، ونظام المعاشرة والعائلة، المعاملات المالية، والإنفاق في سبيل الله