ابتدأت السورة بالنهي عن موالاة المشركين وأسباب ذلك وهي إيذاء المؤمنين وعداوتهم للّه ولمن آمنوا، وإلجاؤهم إلى الهجرة وترك الديار والأوطان.
ثم ذكرت أن القرابة أو الصداقة غير نافعة يوم القيامة، وإنما النافع للإنسان هو الإيمان والعمل الصالح : لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ...
وأعقبت ذلك بضرب الأمثال بقصة إبراهيم ومن معه من المؤمنين، وتبرؤهم من قومهم المشركين، ليتخذ المؤمن أبا الأنبياء إبراهيم خليل الرحمن قدوة وأسوة طيبة : قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ.. الآيات.
ثم وضعت أصول العلاقات بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب في حالتي السلم والحرب، والمودة والعداوة : لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ.. إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ الآيات.
وانتقل البيان عقب ما ذكر إلى حكم العلاقات مع المشركين فيما يتعلق بالنساء المؤمنات، وضرورة امتحانهن عند الهجرة لدار الإسلام، وعدم ردهن إلى الكفار في دار الكفر وإيتاء أزواجهن مهورهن : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ.. الآيات.
واستتبع ذلك بيان حكم مبايعة الرسول - ﷺ - لهن، وشروط البيعة وبنودها، وأصولها في الإسلام وداره.
وختمت السورة بتأكيد النهي عن موالاة أعداء المؤمنين من المشركين والكفار، حرصا على وحدة الأمة والملة : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً.... (١)
وهي مدنية في قول الجميع، وعدد آياتها ثلاث عشرة آية. وهذه السورة تحدد موقف المسلمين من المشركين تحديدا تامّا من ناحية الصلة والمودة، ومن ناحية القتال والمسالمة، ومن ناحية العلاقة الزوجية القائمة بين المسلم وغيره، وكيف بايع النبي - ﷺ - النساء، وفي الختام - كما في البدء - النهى عن موالاة الكفار. (٢)
قال ابن حجر : المشهور في هذه التسمية أنها بفتح الحاء وقد تكسر فعلى الأول هي صفة المرأة التي أنزلت بسببها، وعلى الثاني صفة السورة كما قيل لبراءة : الفاضحة، وفي جمال القراء تسمى أيضا سورة الامتحان وسورة المودة، وأطلق ابن عباس وابن الزبير رضي اللّه تعالى عنهم القول بمدنيتها، وذكر بعضهم أن أولها نزل يوم فتح مكة فكونها مدنية إما من باب التغليب أو مبني على أن المدني ما نزل بعد الهجرة، وهي ثلاث عشرة آية بالاتفاق.

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٢٨ / ١١٥) و تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٨ / ٦٠)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٦٥٥)


الصفحة التالية
Icon