تسميتها : سميت سورة «التحريم»، لتحريم النبي - ﷺ - شيئا على نفسه، وافتتاح السورة بعتابه على سبيل التلطف في قوله سبحانه : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ...
مناسبتها لما قبلها :
تظهر مناسبة هذه السورة لما قبلها من وجوه ثلاثة :
١ - افتتاح السورتين كلتيهما بخطاب النّبي - ﷺ - : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ.
٢ - اشتراك السورتين في الأحكام المخصوصة بالنساء، فالأولى سورة الطلاق في بيان أحكام الطلاق والعدة وحقوق المعتدة وحسن المعاشرة، وهذه السورة في موقف بعض نساء النّبي - ﷺ - وكيفية معاملة النّبي - ﷺ - لهنّ بالحسنى واللين والنصح.
٣ - إن سورة الطلاق المتقدمة في تحريم ما أحل اللّه بالطلاق، وإنهاء خصومة بعض نساء الأمة، وهذه السورة في تحريم ما أحل اللّه من نوع آخر بالإيلاء، وإنهاء خصومة نساء النّبي - ﷺ -، وإفرادها بأحكامهن تعظيما لهن، لذا ختمت بذكر زوجته في الجنة آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران.
ما اشتملت عليه السورة :
هذه السورة المدنية تتضمن بعض أحكام التشريع الخاصة بأمهات المؤمنين لتكون نموذجا يحتذي لجميع الأمة.
ابتدأت السورة بعتاب لطيف للنّبي - ﷺ - على تحريمه على نفسه شيئا مباحا وهو العسل كما ثبت في الصحيح إرضاء لبعض أزواجه : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ، تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ.. الآية.
ثم وجّهت العتاب لبعض أزواج النبي لإفشائهن السرّ حين أسرّ النبي - ﷺ - إلى زوجته حفصة، فأخبرت به عائشة، مما أغضب النّبي - ﷺ -، وهمّ بتطليق أزواجه، وهدّدهن اللّه بإبداله أزواجا خيرا منهن : وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ...
عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ...
وناسب هذا التذكير باتقاء أهل بيت الإيمان النار والترهيب من الجزاء، وبالتوبة النصوح، وبجهاد الكفار والمنافقين من غير انشغال بأحوال البيت والأسرة من أزواج وأولاد.
وختمت السورة بضرب مثلين عظيمين : أحدهما للكافرين، والثاني للمؤمنين، والأول مثل الزوجة الكافرة : امرأة نوح وامرأة لوط عليهما السلام، عند الرجل المؤمن الصالح، والثاني مثل الزوجة المؤمنة : امرأة فرعون، عند الرجل الكافر الفاجر، ومثل المرأة الحرة التقية البتول في غير عصمة أحد، تنبيها


الصفحة التالية
Icon