سورة الملك كسائر السور المكية تعنى بأصول العقيدة الأساسية وهي إثبات وجود اللّه، وعظمته، وقدرته على كل شيء والاستدلال على وحدانيته، والإخبار عن البعث والحشر والنشر.
بدئت بالحديث عن تمجيد اللّه سبحانه، وإظهار عظمته، وتفرده بالملك والسلطان، وهيمنته على الأكوان، وتصرفه في الوجود بالإحياء والإماتة (الآيات : ١ - ٢).
ثم أكدت الاستدلال على وجود اللّه عز وجل بخلقه السموات السبع، وما زيّنها به من الكواكب والنجوم المضيئة، وتسخيرها لرجم الشياطين ونحو ذلك من مظاهر قدرته وعلمه (الآيات : ٣ - ٥) مما يدل على أن نظام العالم نظام محكم لا خلل فيه ولا تغاير.
ومن مظاهر قدرته تعالى : إعداد عذاب جهنم للكافرين، وتبشير المؤمنين بالمغفرة والأجر الكبير، وذلك جمع بين الترهيب والترغيب على طريقة القرآن الكريم (الآيات : ٦ - ١٢).
ومن مظاهر علمه وقدرته ونعمه : علمه بالسر والعلن، وخلقه الإنسان ورزقه، وتذليل الأرض للعيش الهني عليها وحفظها من الخسف، وحفظ السماء من إنزال الحجارة المحرقة المدمرة للبشر، كما دمرت الأمم السابقة المكذبة رسلها، وإمساك الطير ونحوها من السقوط، وتحدي الناس أن ينصرهم غير اللّه إن أراد عذابهم (الآيات : ١٣ - ٢٠).
وأردفت ذلك في الخاتمة بإثبات البعث، وحصر علمه باللّه تعالى، وإنذار المكذبين بدعوة الرسول - ﷺ -، وتحذيرهم من إيقاع العذاب بهم، وإعلان وجوب التوكل على اللّه، والتهديد بتغوير الماء الجاري في الأنهار والينابيع دون أن يتمكن أحد بإجرائه والإتيان ببديل عنه (الآيات : ٢٥ - ٣٠).
والخلاصة : أن السورة إثبات لوجود اللّه تعالى ووحدانيته ببيان مظاهر علمه وقدرته، وإنذار بأهوال القيامة، وتذكير بنعم اللّه على عباده، وربط الرزق بالسعي في الأرض ثم التوكل على اللّه تعالى. (١)
وتسمى الواقية والمنجية، لأنها تقى وتنجي من عذاب القبر، وهي مكية على الصحيح، وعدد آياتها ثلاثون آية، وتشتمل كأخواتها المكيات على إثبات وجود اللّه ببيان مظاهر قدرته وعلمه، وقد تعرضت لما يلاقيه الناس يوم القيامة، ولبيان بعض نعمه على عباده، والسورة على العموم تدور حول بيان النعم. (٢)
وتسمى تبارك والمانعة والمنجية والمجادلة، فقد أخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : كنا نسميها على عهد رسول اللّه - ﷺ - المانعة. وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عباس قال : ضرب بعض أصحاب النبي - ﷺ -

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٢٩ / ٥) و تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٩ / ٣)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٧٠٩)


الصفحة التالية
Icon