بدئت بتفخيم شأن القيامة وتعظيم هولها، وتكذيب الأقوام السابقة بها، مثل ثمود، وعاد، وقوم لوط، وفرعون وأتباعه، وقوم نوح، وإهلاكهم بسبب تكذيبهم بها وتكذيب رسلهم، من أول السورة إلى قوله تعالى : أُذُنٌ واعِيَةٌ.
ثم وصفت وقائع عذاب الآخرة جزاء على إنكاره في الدنيا في قوله تعالى : فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ.. إلى لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ.
وأردفت ذلك ببيان حال السعداء والأشقياء يوم القيامة : فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ.. وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ إلى قوله : لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ.
ثم أقسم رب العزة قسما بليغا على صدق الوحي والقرآن وأنه كلام اللّه المنزل على قلب رسوله - ﷺ -، وأنه ليس بقول شاعر ولا كاهن : فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ إلى قوله : تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ.
وختمت السورة ببيان البرهان القاطع على صدق الرسول - ﷺ -، وأمانته في تبليغ الوحي، وأن القرآن تذكرة وعظة وخبر حق لا مرية فيه، ورحمة للمؤمنين وحسرة على الكافرين : وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ.. إلخ السورة. (١)
وهي مكية بالإجماع وعدد آياتها إحدى وخمسون آية، وهي تشمل الكلام على يوم القيامة، ومن كذب به من الأمم السابقة ونهايتهم، ثم وصفا عامّا لهذا اليوم وما يلاقيه المؤمن والكافر، ثم تعرضت للقرآن وأثبتت أنه من عند اللّه بلا شك، وأن الواجب على النبي هو الصبر والتسبيح للّه. (٢)
مكية وآيها إحدى وخمسون آية بلا خلاف فيهما ويدل للأول ما أخرج الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه قال : خرجت أتعرض لرسول اللّه - ﷺ - قبل أن أسلم فوجدته قد سبقني إلى المسجد فوقفت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن هذا واللّه شاعر فقال وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ [الحاقة : ٤١] قلت كاهن فقال لا وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ [الحاقة : ٤٢، ٤٣] إلى آخر السورة فوقع الإسلام في قلبي كل موقع ولما وقع في نون ذكر يوم القيامة مجملا شرح سبحانه في هذه السورة الكريمة نبأ ذلك اليوم وشأنه العظيم وضمنه عز وجل ذكر أحوال أمم كذبوا الرسل عليهم السلام وما جرى عليهم ليزدجر المكذبون المعاصرون له عليه الصلاة والسلام (٣)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٧٣٣)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٥ / ٤٥)