تسميتها : سميت سورة نوح باسم نبي اللّه عليه السلام وقصته مع قومه من بداية دعوته إلى الطوفان، كما جاء في مطلع السورة : إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً...
مناسبتها لما قبلها :
هناك وجهان لاتصال هذه السورة بما قبلها :
١ - تشابه مطلع السورتين في ذكر العذاب الذي وعد به الكفار : قوم محمد - ﷺ - في سورة المعارج، وقوم نوح عليه السلام في هذه السورة.
٢ - لما قال تعالى في أواخر المعارج : إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ [٤١] عقبه بقصة نوح المشتملة على إغراق قومه إلا من آمن، وتبديلهم بمن هم خير منهم، فوقعت موقع الاستدلال وإثبات خبر القدرة على التبديل، كما وقعت قصة أصحاب الجنة في سورة ن موقع الاستدلال على ما ختم به تَبارَكَ.
ما اشتملت عليه السورة :
هذه السورة كغيرها من السور المكية التي عنيت بغرس أصول العقيدة، وتبيان عناصر الإيمان، من عبادة اللّه وطاعته، وإبطال عبادة الأصنام والأوثان، والاستدلال على وجود اللّه ووحدانيته وقدرته.
افتتحت السورة ببيان إرسال اللّه تعالى نوحا إلى قومه، وقيامه بإنذارهم ومطالبتهم بالإقلاع عن ذنوبهم، ليغفر اللّه لهم، وليمدهم بالأموال والبنين، وليجعل لهم جنات، يفجر فيها الأنهار، ولكنهم أبوا دعوته، وأمعنوا في الضلال والعصيان : إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً.. [الآيات ١ - ١٤].
ثم أمرهم تعالى للاستدلال على وجوده ووحدانيته وقدرته والإقبال على طاعته وتعرف نعمه بالنظر في خلق السموات والأرض، والتأمل في خلق الإنسان، وفيما أنعم به على الناس من تذليل الأرض وتسخيرها للنفع، وإيداع لكنوز والمعادن فيها، والتنقل في نواحيها، وسلوك السبل الواسعة فيها : أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً.. [الآيات ١٥ - ٢٠].
وختمت السورة ببيان كفر قومه وإصرارهم على عبادة الأصنام، وعقابهم في الدنيا والآخرة، ودعاء نوح عليه السلام على قومه بالهلاك والدمار بعد جهاد طويل في الدعوة دام تسع مائة وخمسين سنة، دون أن يقلعوا عن الشرك، ولم ينتفعوا بالإنذار والتذكير : قالَ نُوحٌ : رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي..[الآيات ٢١ - ٢٨]. (١)