تعالى في الأمم التي انحرفت عن دعوة الله، وبيان لعاقبة المرسلين، وعاقبة المجرمين، في شتى العصور والأزمان.
* ابتدأت السورة الكريمة بارسال الله تعالى لنوح عليه السلام، وتكليفه بتبليغ الدعوة، وإنذار قومه من عذاب الله [ إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم ] الآيات.
* ثم ذكرت السورة جهاد نوح عليه السلام، وصبره، وتضحيته في سبيل تبليغ الدعوة، فقد دعا قومه ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، فلم يزدهم ذلك إلا إمعانا في الضلال والعصيان [ قال رب إنى دعوت قومى ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى إلا فرارا ]. الآيات
* ثم تتابعت السورة تذكرهم بإنعام الله وأفضاله على لسان نوح عليه السلام، ليجدوا فى طاعة الله، ويروا آثار قدرته ورحمته في هذا الكون الفسيح [ ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ] ! !. ومع كل هذا التذكير والنصح والإرشاد، فقد تمادى قومه فى الكفر والضلال والعناد، واستخفوا بدعوة نبيهم (نوح ) عليه السلام، حتى أهلكهم الله بالطوفان [ قال نوح رب أنهم عصونى واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا.. ] الآيات.
* وختمت السورة الكريمة بدعاء نوح عليه السلام على قومه بالهلاك والدمار، بعد أن مكث فيهم تسعمائة وخمسين سنة، يدعوهم إلى الله، فما لانت قلوبهم، ولا انتفعت بالتذكير والإنذار [ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا رب اغفر لي ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا، وللمؤمنين والمؤمنات، ولا تزد الظالمين إلا تبارا ] (١).
مقصودها الدلالة على تمام القدرة على ما أنذر به آخر " سأل " من إهلاك المنذرين وتبديل خير منهم، ومن القدرة على إيجاد يوم القيامة الذي طال إنذارهم به وهم عنه معرضون وبه مكذبون وبه لا هون، وتسميتها بنوح عليه السلام أدل ما فيها على ذلك، فإن أمره في إهلاك قومه بسبب تكذيبهم له في قصته في هذه السورة مقرر ومسطور (٢)
هذه السورة كلها تقص قصة نوح - عليه السلام - مع قومه وتصف تجربة من تجارب الدعوة في الأرض وتمثل دورة من دورات العلاج الدائم الثابت المتكرر للبشرية، وشوطا من أشواط المعركة الخالدة بين الخير والشر، والهدى والضلال، والحق والباطل.
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ١٦٢)