... [٨] وقال في السورة المتقدمة : مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً.. [٢٥] وقال هنا : وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً [٢٣].
ما اشتملت عليه السورة :
هناك موضوعان بارزان في السورة هما : الإخبار عن حقائق تتعلق بالجن، وتوجيهات للنبي - ﷺ - في تبليغه الدعوة إلى الناس.
افتتحت السورة بالإخبار عن إيمان فريق من الجن بالقرآن العظيم حين سمعوا تلاوته من النبي - ﷺ - في صلاته في منى بعد عودته من الطائف قبيل الإسراء والمعراج : قُلْ : أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ.. [الآيات : ١ - ٢] فهو كما قالوا كتاب يهدي إلى الرشد.
ثم أبانت تمجيدهم اللّه عز وجل وإفرادهم له بالعبادة وتنزيههم له عن اتخاذ الصاحبة والولد، وتسفيههم من جعل للّه ولدا وعلاقة الجن بالإنس : وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا.. [الآيات : ٣ - ٧].
وأعقبت ذلك بالإخبار عن محاولات الجن استراق السمع من السماء، للتعرف على خبر العالم العلوي، ومنعهم منه لإحاطة السماء بالحرس الملائكي، وإحراقهم بالشهب النارية بعد بعثة النبي - ﷺ -، وتعجبهم من هذا الحديث السماوي، وتساؤلهم : هل يراد به تعذيب أهل الأرض : وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ.. [الآيات : ٨ - ١٠].
وصرح الجن بعدئذ بانقسامهم إلى فريقين : مؤمنين وكفار، مع تبشير المؤمنين بخير الدنيا والآخرة وعزمها، وإنذار الكافرين المعرضين عن هدي اللّه وكتابه بالعذاب الشديد : وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ.. [الآيات : ١١ - ١٨].
ووصفوا تجمعهم حول النبي - ﷺ - حين سمعوه يتلو القرآن : وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ.. [الآية : ١٩].
واشتمل القسم الثاني من السورة على توجيهات للنبي - ﷺ - بأمره بتبليغ دعوته إلى الناس وإخلاص العمل للّه وكونه لا يشرك بربه أحدا، وإعلامه بأنه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، وأنه لا ينجيه أحد من اللّه إن عصاه، وأنه لا يدري بوقت العذاب : قُلْ : إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً.. [الآيات : ٢٠ - ٢٥].
وختمت السورة ببيان استئثار اللّه واختصاصه بمعرفة علم الغيب، وإحاطته بجميع ما لدى الخلائق وإحصاء أعدادهم : عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً.. [٢٦ - ٢٨]. (١)