٢ - وقد ذكروا في فضلها أحاديث منها : ما أخرجه الشيخان عن عبد اللّه بن مسعود قال : بينما نحن مع النبي - ﷺ - في غار بمنى، إذ نزلت عليه :« والمرسلات »، فإنه ليتلوها، وإنى لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها..
وعن ابن عباس - رضى اللّه عنهما - قال : إن أم الفضل - امرأة العباس - سمعته يقرأ « والمرسلات عرفا »، فقالت : يا بنى - ذكرتني بقراءتك هذه السورة. إنها لآخر ما سمعت رسول اللّه - ﷺ - يقرأ بها في المغرب « ١ ».
٣ - وسورة المرسلات زاخرة بالحديث عن أهوال يوم القيامة، وعن أحوال المكذبين في هذا اليوم، وعن مظاهر قدرة اللّه - تعالى -، وعن حسن عاقبة المتقين.. (١)
في السورة توكيد ليوم القيامة وهوله، وإنذار بمصير الكفار الرهيب وتنويه بمصير المؤمنين فيه، وأسلوبها ذو خصوصية فنية نثرية، ومع ما في بعض فصولها من خطاب للمكذبين فإنها لا تحتوي موقفا شخصيا معينا ويصح أن تسلك في سلك السور ذات الطابع العام، وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآية [٤٨] مدنية، وانسجام هذه الآية التام مع الآيات يسوغ الشك في صحة ذلك، وترابط فصول السورة وتوازنها وخصوصية نظمها تسوغ القول إنها نزلت دفعة واحدة. (٢)
سورة المرسلات مكيّة، وهي خمسون آية.
تسميتها : سميت سورة المرسلات تسمية لها باسم مطلعها الذي أقسم اللّه به وهو وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً أي أقسم برياح العذاب التي تهب متتابعة كعرف الفرس، أو شعر الفرس.
مناسبتها لما قبلها :
وجه اتصالها بما قبلها من وجهين :
١ - أنه تعالى وعد المؤمنين الأبرار، وأوعد الظالمين الفجار في آخر السورة المتقدمة بقوله : يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ، وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ثم أقسم في مطلع هذه السورة على تحقيق ما وعد به هنالك المؤمنين، وأوعد به الظالمين، ثم ذكر وقته وأشراطه بقوله : فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ.
٢ - ذكر تعالى في سورة الإنسان نزرا من أحوال الكفار في الآخرة، وأطنب في وصف أحوال المؤمنين فيها، والأمر في هذه السورة على العكس : إطناب في وصف الكفار، وإيجاز في وصف المؤمنين، فوقع بذلك الاعتدال بين السورتين.

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٢٣١)
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ٢٠٧)


الصفحة التالية
Icon