وهو مبني على ما روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة أن المراد بالنبإ العظيم القرآن والجمهور على أنه البعث وهو الأنسب بالآيات بعد كما ستعرفه إن شاء اللّه تعالى. (١)
هذا الجزء كله - ومنه هذه السورة - ذو طابع غالب.. سوره مكية فيما عدا سورتي «البينة» و«النصر» وكلها من قصار السور على تفاوت في القصر. والأهم من هذا هو طابعها الخاص الذي يجعلها وحدة - على وجه التقريب - في موضوعها واتجاهها، وإيقاعها، وصورها وظلالها، وأسلوبها العام.
إنها طرقات متوالية على الحس. طرقات عنيفة قوية عالية. وصيحات. صيحات بنوّم غارقين في النوم! نومهم ثقيل! أو بسكارى مخمورين ثقل حسهم الخمار! أو بلاهين في سامر راقصين في ضجة وتصدية ومكاء! تتوالى على حسهم تلك الطرقات والصيحات المنبثقة من سور هذا الجزء كله بإيقاع واحد ونذير واحد :
اصحوا. استيقظوا. انظروا. تلفتوا. تفكروا. تدبروا.. إن هنا لك إلها. وإن هنالك تدبيرا. وإن هنالك تقديرا.
وإن هنالك ابتلاء. وإن هنالك تبعة. وإن هنالك حسابا. وإن هنالك جزاء. وإن هنالك عذابا شديدا.
ونعيما كبيرا.. اصحوا. استيقظوا. انظروا. تلفتوا. تفكروا. تدبروا | وهكذا مرة أخرى. وثالثة ورابعة. |
هكذا خيل إلي وأنا أقرأ هذا الجزء. وأحس تركيزه على حقائق معينة قليلة العدد، عظيمة القدر، ثقيلة الوزن. وعلى إيقاعات معينة يلمس بها أوتار القلوب. وعلى مشاهد معينة في الكون والنفس. وعلى أحداث معينة في يوم الفصل. وأرى تكرارها مع تنوعها. هذا التكرار الموحي بأمر وقصد! وهكذا يحس القارئ وهو يقرأ :«فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ...».. «فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ؟...»..