وكشف عن شبهتهم في إحالة البعث باستبطائهم إياه وجعلهم ذلك أمارة على انتفائه فلذلك يسأل الرسول - ﷺ - عن تعيين وقت الساعة سؤال تعنت، وأن شأن الرسول أن يذكرهم بها وليس شأنه تعيين إبانها، وأنها يوشك أن تحل فيعلمونها عيانا وكأنهم مع طول الزمن لم يلبثوا إلا جزءا من النهار. (١)
مناسبتها لما قبلها
ختمت سورة « النبأ » بهذا النذير الذي يلقى به فى وجه المكذبين باليوم الآخر، وبما يلقاهم منه من بلاء، حتى إنه ليتمنى الكافر يومئذ أن يكون مغيّبا فى التراب، غائصا فى أعماقه، من هول ما يراه.. وقد جاءت سورة « النازعات » مفتتحة بهذه الأقسام، على أن هذا اليوم واقع لا شك فيه، ولم يذكر لهذه الأقسام جواب، لأن جوابها قد سبقها، فى قوله تعالى : ِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً... الآية » أي أن هذا العذاب القريب الذي أنذرنا كم به واقع، وحقّ « النَّازِعاتِ غَرْقاً، وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً.. الآيات ». (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « النازعات » من السور المكية الخالصة. وتسمى بسورة « والنازعات » بإثبات الواو، حكاية لأول ألفاظها، ومن ذكرها بدون واو، جعل لفظ « النازعات » علما عليها، وتسمى - أيضا - سورة « الساهرة » وسورة « الطامة »، لوقوع هذين اللفظين فيها دون غيرها.
٢ - وهي السورة التاسعة والسبعون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فهي السورة الحادية والثمانون من بين السور المكية، وكان نزولها بعد سورة « النبأ »، وقبل سورة « الانفطار »، أى : أن سورة النازعات تعتبر من أواخر السور المكية نزولا.
٣ - وعدد آياتها خمس وأربعون آية في المصحف الكوفي، وست وأربعون في غيره.
٤ - ومن أهم مقاصدها : إقامة الأدلة على وحدانية اللّه - تعالى -، وعلى أن البعث حق، وذكر جانب كبير من علاماته وأهواله، والرد على الجاحدين الذين أنكروا وقوعه، وتذكير الناس بجانب مما دار بين موسى - عليه السلام - وبين فرعون من مناقشات، وكيف أن اللّه - تعالى - قد أخذ فرعون أخذ عزيز مقتدر.
كما أن السورة الكريمة اشتملت على مظاهر قدرته - تعالى -، التي نراها ونشاهدها في خلقه - سبحانه - للسموات وللأرض... وما اشتملتا عليه عن عجائب.
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٤٢٨)