والإيقاع العام للسورة أشبه بحركة جائحة. تنطلق من عقالها، فتقلب كل شي ء، وتنثر كل شيء وتهيج الساكن وتروع الآمن وتذهب بكل مألوف وتبدل كل معهود وتهز النفس البشرية هزا عنيفا طويلا، يخلعها من كل ما اعتادت أن تسكن إليه، وتتشبث به، فإذا هي في عاصفة الهول المدمر الجارف ريشة لا وزن لها ولا قرار. ولا ملاذ لها ولا ملجأ إلا في حمى الواحد القهار، الذي له وحده البقاء والدوام، وعنده وحده القرار والاطمئنان..
ومن ثم فالسورة بإيقاعها العام وحده تخلع النفس من كل ما تطمئن إليه وتركن، لتلوذ بكنف اللّه، وتأوي إلى حماه، وتطلب عنده الأمن والطمأنينة والقرار..
وفي السورة - مع هذا - ثروة ضخمة من المشاهد الرائعة، سواء في هذا الكون الرائع الذي نراه، أو في ذلك اليوم الآخر الذي ينقلب فيه الكون بكل ما نعهده فيه من أوضاع. وثروة كذلك من التعبيرات الأنيقة! المنتقاة لتلوين المشاهد والإيقاعات. وتلتقي هذه وتلك في حيز السورة الضيق، فتضغط على الحس وتنفذ إليه في قوة وإيحاء.
ولولا أن في التعبير ألفاظا وعبارات لم تعد مألوفة ولا واضحة للقارئ في هذا الزمان، لآثرت ترك السورة تؤدي بإيقاعها وصورها وظلالها وحقائقها ومشاهدها، ما لا تؤديه أية ترجمة لها في لغة البشر وتصل بذاتها إلى أوتار القلوب فتهزها من الأعماق.
ولكن لا بد مما ليس منه بد. وقد بعدنا في زماننا هذا عن مألوف لغة القرآن! (١)
موضوعات هذه السورة الكريمة
(١) أهوال يوم القيامة.
(٢) الإقسام بالنجوم وبالليل وبالصبح إن القرآن منزل من عند اللّه بوساطة ملائكته.
(٣) إثبات نبوة محمد - ﷺ -.
(٤) بيان أن القرآن عظة وذكرى لمن أراد الهداية، وتوجهت نفسه إلى فعل الخير.
(٥) مشيئة العبد تابعة لمشيئة الربّ سبحانه، وليس لها استقلال بالعمل. (٢)
================
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٦٢)