ثم ندّدت بجحود الإنسان نعم ربّه، وبتقصيره في مقابلة الإحسان بالشكر والعرفان : يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ.. [الآيات : ٦ - ٨].
ثم ذكرت سبب هذا الجحود وهو إنكار البعث، وبيّنت أن أعمال الإنسان كلها محفوظة مسجلة عليه، يقوم برصدها ملائكة كرام كاتبون : كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ.. [الآيات : ٩ - ١٢].
وأردفت ذلك ببيان مصير الناس وانقسامهم إلى فريقين : أبرار وفجّار، وأيلولتهم إلى نعيم أو جحيم : إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ.. [الآيات : ١٣ - ١٦].
وختمت السورة بالتحذير من يوم الدّين، أي الجزاء والقيامة، واستقلال كل إنسان بالمسؤولية عن نفسه، وتفرد اللّه بالحكم والأمر : وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ.. [الآيات : ١٧ - ١٩].
والخلاصة : أن اللّه تعالى ذكر في هذه السورة السعداء والأشقياء ويوم الجزاء وعظم شأن يومه. (١)
وهي مكية. وعدد آياتها تسع عشرة آية، وهي تتضمن الكلام على البعث والتذكير بيوم القيامة وأن النفس تشهد فيه ما عملت، ثم ناقشت الإنسان في شأن مخالفته لربه وتماديه في فجوره، مع أنه صاحب نعم جليلة عليه، وقد جعل له شهودا كراما كاتبين، ثم كانت النهاية لكل إنسان إما الجنة وإما النار، والأمر يومئذ للّه. (٢)
* سورة الانفطار من السور المكية، وهي تعالج - كسابقتها (سورة التكوير) - الإنقلاب الكوني الذي يصاحب قيام الساعة، وما يحدث في ذلك اليوم الخطير من أحداث جسام، ثم بيان حال الأبرار، وحال الفجار، يوم البعث والنشور
* ابتدأت السورة الكريمة ببيان مشاهد الإنقلاب الذي يحدث في الكون، من انفطار السماء وإنتثار الكواكب، وتفجير البحار، وبعثرة القبور، وما يعقب ذلك من الحساب والجزاء [ إذا السماء انفطرت، وإذا الكواكب انتثرت، وإذا البحار فجرت، وإذا القبور بعثرت، علمت نفس ما قدمت وأخرت ].
* ثم تحدثت عن جحود الإنسان وكفرانه لنعم ربه، وهو يتلقى فيوض النعمة منه جل وعلا، ولكنه لا يعرف للنعمة حقها، ولا يعرف لربه قدره، ولا يشكر على الفضل والنعمة والكرامة [ يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم، الذي خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك ] ؟

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٩٥)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٨٣٣)


الصفحة التالية
Icon