تسميتها : سميت سورة الأعلى، لافتتاحها بقول اللَّه تعالى : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى أي نزّه اللَّه عز وجل عن كل نقص، وصفه بكل صفات التمجيد والتعظيم لأنه العلي الأعلى من كل شيء في الوجود. وتسمى أيضا سورة سَبِّحِ.
مناسبتها لما قبلها :
تظهر صلة هذه السورة بما قبلها في أن سورة الطارق ذكرت خلق الإنسان في قوله تعالى : خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ [٦] وبدء خلق النبات في قوله : وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ [١١ - ١٢].
وهذه السورة تحدثت بما هو أعم وأشمل من خلق الإنسان وغيره : خَلَقَ فَسَوَّى [٢] وخلق النبات في قوله : وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى، فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى [٤ - ٥].
ما اشتملت عليه السورة :
موضوع هذه السورة المكية الحديث عن توحيد اللَّه وقدرته، والقرآن وتيسير حفظه، والأخلاق الكريمة بتهذيب النفس الإنسانية. وقد افتتحت بالأمر بتنزيه اللَّه تعالى عن كل ما لا يليق به في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه، ووصفه بصفات التعظيم والتمجيد، لخلقه المخلوقات وإتقان الخلق وتناسبه، وإخراجه الأعشاب والنباتات : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى..[الآيات ١ - ٥].
ثم تحدثت عن تيسير حفظ القرآن وترسيخه في قلب النبي - ﷺ - بحيث لا ينساه أبدا، لينقله إلى الناس : سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى.. [٦ - ٧].
وأردفت ذلك بأمر النبي - ﷺ - بالتذكير بالقرآن لإصلاح النفوس وتهذيب الطبائع : فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى.. [الآيات ٨ - ١٣].
وختمت السورة ببيان فلاح كل من طهر نفسه من الكفر والشرك والمعاصي، وتذكّر دائما في نفسه جلال اللَّه وعظمته، ولم يؤثر الدنيا على الآخرة، وعرف أن هذه الأصول الاعتقادية والخلقية قديمة جاءت بها جميع الشرائع الإلهية : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى.. [١٤ - ١٩]. (١)
وهي مكية، وعدد آياتها تسع عشرة آية، وتشمل الأمر بالتسبيح والتنزيه، ثم الأمر بالتذكير وبيان أن الفلاح لمن تطهر من دنس المعاصي، وخلص من حب الدنيا. (٢)
وتسمى سورة سبح، والجمهور على أنها مكية وحكى ابن الفرس عن بعضهم أنها مدنية لذكر صلاة العيد وزكاة الفطر فيها، ورده الجلال السيوطي بما أخرج البخاري وابن سعد وابن أبي شيبة عن البراء
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٨٥٣)