مقدمة وتمهيد
١ - سورة « الفجر » من السور المكية الخالصة، بل هي من أوائل ما نزل على النبي - ﷺ - من سور قرآنية، فهي السورة العاشرة في ترتيب النزول، وكان نزولها بعد سورة « والليل إذا يغشى »، وقبل سورة « الضحى »، أما ترتيبها في المصحف فهي السورة التاسعة والثمانون.
وعدد آياتها : ثلاثون آية في المصحف الكوفي، واثنتان وثلاثون في الحجازي، وتسع وعشرون في البصري.
٢ - ومن أهم مقاصد هذه السورة الكريمة : تذكير المشركين بما حل بالمكذبين من قبلهم، كقوم عاد وثمود وفرعون، وبيان أحوال الإنسان في حال غناه وفي حال فقره، وردعه عن الانقياد لهوى نفسه، ولفت نظره إلى أهوال يوم القيامة، وأنه في هذا اليوم لن ينفعه ندمه أو تحسره على ما فات، وتبشير أصحاب النفوس المؤمنة المطمئنة، برضا ربها عنها، وبظفرها بجنة عرضها السموات والأرض. (١)
تحتوي السورة تذكيرا بعذاب اللّه الذي حل بالطغاة المتمردين من الأمم السابقة كعاد وثمود وفرعون وإنذارا لأمثالهم، وتنديدا بحب المال والاستغراق فيه، واستباحة البغي والظلم في سبيله، وعدم البر باليتيم والمسكين، ودحضا لظن أن اليسر والعسر في الرزق اختصاص من اللّه بقصد التكريم والإهانة. وفيها تصوير مشهد ما يكون من مصير البغاة يوم القيامة وحسرتهم، وتنويه بالمؤمنين ذوي النفوس المطمئنة وبشرى لهم برضاء اللّه وجنته. وأسلوب السورة عام العرض والتوجيه مما يدل على تبكيرها بالنزول. وفصولها وآياتها منسجمة مما يدل على نزولها جملة واحدة أو متتابعة. (٢)
سورة الفجر مكيّة، وهي ثلاثون آية.
تسميتها : سميت سورة الفجر، لافتتاحها بقوله تعالى : وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ وهو قسم عظيم بفجر الصبح المتبلج نوره كل يوم على أن الكفار سيعذبون حتما.
مناسبتها لما قبلها :
تتعلق السورة الكريمة بما قبلها من وجوه ثلاثة :
١ - إن القسم الصادر في أولها كالدليل على صحة ما ختمت به السورة التي قبلها من قوله جل جلاله : إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ.

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٣٨١)
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (١ / ٥٣١)


الصفحة التالية
Icon