وسيجنبها الأتقى، الذي يؤتي ماله يتزكى، وما لأحد عنده من نعمة تجزى، إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى، ولسوف يرضى ]. (١)
مقصودها الدلالة على مقصود الشمس، وهو التصرف التام في النفوس بإثبات كمال القدرة بالاختيار باختلاف الناس في السعي مع اتحاد مقاصدهم، وزهي الوصول إلى الملاذ من شهوة البطن والفرج وما يتبع ذكلك من الراحة، واسمها الليل أوضح ما فيها على ذلك بتأمل القسم والجواب، والوقوع من ذلك على الصواب، وأيضا ليل نفسه دال على ذلك لأنه على غير مراد النفس بما فيه من الظلام والنوم الذي هو أخو الموت، وذلك مانع عن أكثر المرادات، ومقتضى لأكثر المضادات (٢)
في اطار من مشاهد الكون وطبيعة الإنسان تقرر السورة حقيقة العمل والجزاء. ولما كانت هذه الحقيقة منوعه المظاهر :«إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى. فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ».. وكانت العاقبة كذلك في الآخرة مختلفة وفق العمل والوجهة :«فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى. لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى. وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى..».
لما كانت مظاهر هذه الحقيقة ذات لونين، وذات اتجاهين.. كذلك كان الإطار المختار لها في مطلع السورة ذا لونين في الكون وفي النفس سواء :«وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى. وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى».. «وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ».. وهذا من بدائع التناسق في التعبير القرآني. (٣)
مقاصد هذه السورة
(١) بيان أن الناس فى الدنيا فريقان :
(١) فريق يهيئه اللّه للخصلة اليسرى، وهم الذين أعطوا الأموال لمن يستحقها، وصدقوا بما وعد اللّه من الإخلاف على من أنفقوا.
(٢) فريق يهيئه اللّه للخصلة المؤدية إلى العسر والشدة، وهم الذين بخلوا بالأموال واستغنوا بالشهوات، وأنكروا ما وعد اللّه به من ثواب الجنة.
(ب) الجزاء فى الآخرة لكل منهما وجعله إما جنة ونعيما، وإما نارا وعذابا أليما. (٤)
================

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٤٩٥)
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٤٤٥)
(٣) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٦ / ٣٩٢٠)
(٤) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ١٨١)


الصفحة التالية
Icon