مناسبتها لما قبلها :
هذه السورة متصلة بسورة الليل من وجهين :
١ - ختمت سورة الليل بوعد كريم من اللَّه تعالى بإرضاء الأتقى في الآخرة، وقال تعالى في سورة الضحى مؤكدا وعده لنبيه - ﷺ - بقوله : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى.
٢ - ذكر تعالى في السورة السابقة : وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ثم عدد اللَّه تعالى نعمه على سيد الأتقياء في هذه السورة وهو محمد - ﷺ -.
ما اشتملت عليه السورة :
موضوع سورة الضحى المكية الحديث عن شخصية النبي - ﷺ -. وقد تضمنت أربعة مقاصد :
١ - ابتدأت بالقسم الإلهي العظيم على أن اللَّه عز وجل ما قلا رسوله ولا أبغضه، ولا هجره ولا تركه، وإنما هو محل العناية الربانية، وهو عظيم القدر عند اللَّه تعالى : وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى... [الآيات : ١ - ٤].
٢ - بشّره ربه بالعطاء الجمّ في الآخرة ومنه الشفاعة العظمى : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [٥].
٣ - عددت نعم اللَّه على نبيه منذ صغره : أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى...[الآيات : ٦ - ٨].
٤ - ختمت بإيصائه بفضائل ثلاث : العطف على اليتيم، وصلة المسكين، وشكر النعمة العظمى وهي النبوة وغيرها من هذه النعم المذكورة : فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ، وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [٩ - ١١]. (١)
مكية. وعدد آياتها إحدى عشرة آية، وفيها يقسم اللّه، أنه ما ودع محمدا - ﷺ - وما قلاه، وأن آخرته خير من أولاه، وأنه يعطيه حتى يرضيه، ثم يطلب منه الإقرار ببعض النعم عليه، ثم إرشاده إلى بعض الفضائل. (٢)
مكية وآيها إحدى عشرة آية بلا خلاف. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى [الليل : ١٧] وكان سيد الأتقين رسول اللّه - ﷺ -، عقب سبحانه ذلك بذكر نعمه عز وجل عليه - ﷺ - وقال الإمام : لما كانت الأولى سورة أبي بكر رضي اللّه تعالى عنه وهذه سورة رسول اللّه - ﷺ - عقب جل وعلا بها ولم يجعل بينهما واسطة ليعلم أن لا واسطة بين رسوله - ﷺ - والصديق رضي اللّه تعالى عنه، وتقديم سورة الصديق على سورته عليه الصلاة والسلام لا يدل على أفضليته منه - ﷺ - ألا ترى أنه تعالى أقسم أولا بشيء

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٢٧٩)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٨٧٣)


الصفحة التالية
Icon