وأسلوبها يدلان على أنه نزل بعد مدة ما من نزول آياتها الخمس الأولى، على أن هذه المدة ليست طويلة على ما تلهم آيات السورة.
وفي الآيات الخمس الأولى أمر النبي - ﷺ - بالقراءة وتنويه بما ألهم اللّه الإنسان من العلم. وفي بقية الآيات حملة على باغ مغتر بماله وجاهه تصدى للنبي - ﷺ - وتثبيت للنبي في دعوته وموقفه وعدم المبالاة به. (١)
سورة العلق مكيّة، وهي تسع عشرة آية.
تسميتها : سميت سورة العلق، وسورة اقرأ، أو بِالْقَلَمِ لأن اللَّه سبحانه افتتحها بقوله : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. والعلق : الدم المتجمد على شكل الدودة الصغيرة.
مناسبتها لما قبلها :
ذكر اللَّه تعالى في سورة التين أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم، وهذا بيان للصورة، وذكر هنا أنه : خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ وهذا بيان للمادة.
وذكر تعالى في هذه السورة من أحوال الآخرة بيانا توضيحيا لما ذكر في السورة السالفة.
ما اشتملت عليه السورة :
هذه السورة المكية أول شيء نزل من القرآن على قلب النبي - ﷺ - لبيان الأمور الثلاثة التالية :
١ - بيان حكمة اللَّه في خلق الإنسان من ضعف إلى قوة، والإشادة بما زوّده وأمره به من فضيلة القراءة اقرأ والكتابة عَلَّمَ بِالْقَلَمِ لتمييزه على غيره من المخلوقات : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ.. [الآيات : ١ - ٥].
٢ - الإخبار عن مدى طغيان الإنسان وتمرده على أوامر اللَّه، وجحوده نعم اللَّه عليه وغفلته عنها رغم كثرتها في حال توافر الثورة والمال والغنى لديه، فقابل النعمة بالنقمة، وكان الواجب عليه أن يشكر ربّه على فضله، فجحد النعمة وتجبّر واستكبر : كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى.. [الآيات : ٦ - ٨].
٣ - افتضاح شأن فرعون هذه الأمة أبي جهل الذي كان ينهى رسول اللَّه - ﷺ - عن الصلاة، انتصارا للأوثان والأصنام، وتوعده بأشد العقاب إن استمر على ضلاله وكفره وطغيانه، وتنبيه الرسول - ﷺ - إلى عدم الالتفات لما كان يوعده به ويتهدده : أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى... إلى كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ [الآيات : ٩ - ١٩].
كيفية نزول هذه السورة - حديث بدء نزول الوحي :