* ثم تناولت قصة الشقى " أبي جهل " فرعون هذه الأمة، الذي كان يتوعد الرسول ( - ﷺ - ) ويتهدده، وينهاه عن الصلاه، انتصارا للأوثان والأصنام [ أرايت الذي ينهى٥عبدا إذا صلى ] الآيات.
*وختمت السورة بوعيد ذلك الشقي الكافر، بأشد العقاب إن إستمر على ضلاله وطغيانه، كما أمرت الرسول الكريم، بعدم الإصغاء إلى وعيد ذلك المجرم الأثيم [ كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ] إلى ختام السورة الكريمة [ كلا لا تطعه واسجد واقترب.
* وقد بدأت السورة بالدعوة إلى القراءة والتعلم، وختمت بالصلاة والعبادة، ليقترن العلم بالعمل، ويتناسق البدء مع الختام، في أروع صور البيان. (١)
مقصودها الأمر لا سيما للمقصود بالتفضيل في سورة التين بعبادة من له الخلق والأمر، شكرا لأحسانه واجتنابا لكفرانه ن طمعا في جنانه وخوفا من نيرانه، لما ثبت أنه يدين العباد يوم المعاد، وكل من اسميها دال على ذلك لأن المربي يجب شكره، ويحرم غاية التحريم كفره، على أن " اقرأ " يشير إلى الأمر، " والعلق " يشير غلى الخلق، و " اقرأ " يدل على البداية وهي العبادة بالمطابقة، وعلى النهاية وهي النمجاة يوم الدين باللازم، والعلق يدل على كل من النهاية ثم البداية بالالتزام، لأن من عرف أنه مخلوق من دم عرف أن خالقه قادر على إعادته من تراب، فإن التراب أقبل للحياة من الدم، ومن صدق بالإعادة عمل لها، وخص العلق لأنه مركب الحياة، ولذلك سمي نفسا (٢)
مطلع هذه السورة هو أول ما نزل من القرآن باتفاق. والروايات التي تذكر نزول غيرها ابتداء ليست وثيقة.
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر بن الزهري، عن عروة، عن عائشة - رضي اللّه عنها - قالت :«أول ما بدئ به رسول اللّه - ﷺ - من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبب إليه الخلاء. وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود إلى ذلك. ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها. حتى جاءه الحق وهو في غار حراء. فجاءه الملك، فقال : اقرأ. قال : ما أنا بقارئ، قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد. ثم أرسلني فقال : اقرأ. فقلت : ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال : اقرأ. فقلت : ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة، ثم قال :«اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ»..

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٥٠٦)
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٤٧٨)


الصفحة التالية