ووعيدهم بعذاب الآخرة.
والتسجيل عليهم بأنهم شر البرية.
والثناء على الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
ووعدهم بالنعيم الأبدي ورضى الله عنهم وإعطائه إياهم ما يرضيهم.
وتخلل ذلك تنويه بالقرآن وفضله على غيره باشتماله على ما في الكتب الإلهية التي جاء بها الرسول - ﷺ - من قبل وما فيه من فضل وزيادة. (١)
مناسبتها لما قبلها
كانت سورة « القدر » التي سبقت هذه السورة تنويها بالليلة المباركة التي نزل فيها القرآن الكريم، فنالت بشرف نزوله فيها هذا القدر العظيم الذي ارتفعت به على الليالى جميعا.. فالتنويه بليلة القدر هو ـ فى الواقع ـ تنويه بالقرآن الكريم، وأن الاتصال به يكسب الشرف ويعلى القدر للأزمان والأمكنة والأشخاص. وسورة « البيّنة » تحدّث عن هذا القرآن، وعن رسول اللّه الحامل لهذا القرآن، وموقف الكافرين من أهل الكتاب والمشركين، من القرآن، والرسول الداعي إلى اللّه بالقرآن.. ومن هنا كان الجمع بين السورتين قائما على هذا الترابط القوىّ، الذي يجعل منهما وحدة واحدة. (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « البينة »، تسمى - أيضا - سورة « لم يكن... » وسورة « المنفكين » وسورة « القيمة » وسورة « البرية »، وعدد آياتها ثماني آيات عند الجمهور، وعدها قراء البصرة تسع آيات.
٢ - وقد اختلف المفسرون في كونها مدنية أو مكية، وقد لخص الإمام الآلوسى هذا الخلاف فقال : قال في البحر : هي مكية... وقال ابن الزبير وعطاء بن يسار : مدنية... وجزم ابن كثير بأنها مدنية، واستدل على ذلك بما أخرجه الإمام أحمد. عن أبى خيثمة البدري قال : لما نزلت هذه السورة، قال جبريل : يا رسول اللّه، إن ربك يأمرك أن تقرئها « أبيّا ». فقال - ﷺ - لأبىّ بن كعب - رضى اللّه عنه - :« إن جبريل أمرنى أن أقرئك هذه السورة، فقال أبىّ : أو قد ذكرت ثمّ يا رسول اللّه؟ قال : نعم. » فبكى أبىّ.
وقد رجح الإمام الآلوسى كونها مدنية، فقال : وهذا هو الأصح « ١ ».
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٣٨)