مكية. وآياتها تسع آيات، وفيها ينعى اللّه على العياب الطعان المشاء بالنميمة، ويعده بنار شديدة مطبقة عليه من كل ناحية. (١)
مكية وآيها تسع بلا خلاف في الأمرين. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها أن الإنسان سوى من استثنى في خسر بيّن عز وجل فيها أحوال بعض الخاسرين (٢)
* سورة الهمزة مكية، وقد تحدثت عن الذين يعيبون الناس، ويإليلون أعراضهم، بالطعن والإنتقاص، والازدراء، وبالسخرية والإستهزاء فعل السفهاء [ ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده ]
* كما ذمت الذين يشتغلون بجمع الأموال، وتكديس الثروات، كأنهم مخلدون في هذه الحياة، يظنون لفرط جهلهم وكثرة غفلتهم أن المال سيخلدهم في الدنيا [ يحسب أن ماله أخلده ].
* وختمت السورة بذكر عاقبة هؤلاء التعساء الأشقياء، حيث يدخلون نارا لا تخمد أبدا، تحطم المجرمين ومن يلقى فيها من البشر، لأنها الحطمة نار سقر! ! [ كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة ؟ ] إلى نهاية السورة الكريمة. (٣)
مقصودها بيان الحزب الأكبر الخاسر الذي أهل التكاثر، فبانت خسارته يوم القارعة الخافضة الرافعة، واسمها الهمزة ظاهر الدلالة على ذلك (٤)
تعكس هذه السورة صورة من الصور الواقعية في حياة الدعوة في عهدها الأول. وهي في الوقت ذاته نموذج يتكرر في كل بيئة.. صورة اللئيم الصغير النفس، الذي يؤتى المال فتسيطر نفسه به، حتى ما يطيق نفسه!
ويروح يشعر أن المال هو القيمة العليا في الحياة. القيمة التي تهون أمامها جميع القيم وجميع الأقدار : أقدار الناس. وأقدار المعاني. وأقدار الحقائق. وأنه وقد ملك المال فقد ملك كرامات الناس وأقدارهم بلا حساب!
كما يروح يحسب أن هذا المال إله قادر على كل شيء لا يعجز عن فعل شي ء! حتى دفع الموت وتخليد الحياة. ودفع قضاء اللّه وحسابه وجزائه إن كان هناك في نظره حساب وجزاء! ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال يعده ويستلذ تعداده وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة، تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس وكراماتهم. ولمزهم وهمزهم.. يعيبهم بلسانه ويسخر منهم بحركاته. سواء بحكاية حركاتهم وأصواتهم،
(٢) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٥ / ٤٦٠)
(٣) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٥٢٢)
(٤) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٥٢٥)