الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: ١٩] الآية وقوله: ﴿وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٣٤]. (١)
مناسبتها لما قبلها
فى سورة « الهمزة » عرض لمن جمع المال، واتخذ منه سلاحا يغمز به الناس، ويهمزهم، ويمزق أديمهم، ويزبل وجودهم الإنسانى بين الناس.. وسورة « الفيل » تعرض لجماعة من تلك الجماعات، التي اجتمع ليدها قوة من تلك القوى المخيفة، هى الفيل، الذي يشبه قوة المال فى طغيانه، حين يجتمع ليد إنسان جهول غشوم، طاغية، فيتسلط على الناس، كما يتسلط صاحب الفيل على صاحب الحمار، أو الحصان، مثلا.. فكان عاقبة صاحب هذا الفيل الهلاك والدمار، كما كان عاقبة صاحب هذا المال، الذلّ والخزي، والخسران.. (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « الفيل » وسماها بعضهم سورة « ألم تر... » من السور المكية الخالصة، وعدد آياتها خمس آيات، وكان نزولها بعد سورة « قل يا أيها الكافرون »، وقبل سورة « القيامة » فهي السورة التاسعة عشرة في ترتيب النزول من بين السور المكية.
٢ - ومن أهم مقاصدها تذكير أهل مكة بفضل اللّه - تعالى - عليهم، حيث منع كيد أعدائهم عنهم، وعن بيته الحرام، وبيان أن هذا البيت له مكانته السامية عنده - تعالى -، وأن من أراده بسوء قصمه اللّه - تعالى -، وتبشير النبي - ﷺ - بأنه - سبحانه - كفيل برعايته ونصره على أعدائه، كما نصر أهل مكة على أبرهة وجيشه، وتثبيت المؤمنين على الحق، لكي يزدادوا إيمانا على إيمانهم، وبيان أن اللّه - سبحانه - غالب على أمره.
٣ - وقصة أصحاب الفيل من القصص المشهورة عند العرب، وملخصها : أن أبرهة الأشرم الحبشي أمير اليمن من قبل النجاشيّ ملك الحبشة، بنى كنيسة بصنعاء لم ير مثلها في زمانها... وأراد أن يصرف الناس من الحج إلى بيت اللّه الحرام، إلى الحج إليها... ثم جمع جيشا عظيما قدم به لهدم الكعبة... فأهلكه اللّه - تعالى - وأهلك من معه من رجال وأفيال...
وكانت ولادته - ﷺ - في هذا العام.... (٣)
في السورة تذكير بما كان من نكال اللّه في أصحاب الفيل في معرض الإنذار. (٤)
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٧٥)
(٣) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٥٠٩)
(٤) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ٤١)