عام ميلاد سيد الكائنات (محمد بن عبد الله ) صلوات الهن وسلامه عليه، سنة سبعين وخمسمائة ميلادية، وكان من أعظم الإرهاصات الدالة على صدق نبوته ( - ﷺ - ). (١)
مقصودها الدلالة على آخر الهمزة من إهلاك المكاثرين في دار التعاضد والتناصر بالأسباب، فعند انقطاعها أولى لأختصاصه سبحانه وتعالى بتمام القدرة دون التمكن بالمال والرجال، واسمها الفيل ظاهر الدلالة على ذلك بتأمل سورته، وما حصل في سيرة جيشه وصورته ) بسم الله ( الذي له الإحاطة فقدرته في كل شيء عاملة (٢)
أضواء من التاريخ على قصة أصحاب الفيل :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" أَقْبَلَ أَصْحَابُ الْفِيلِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لِمَلِكِهِمْ : مَا جَاءَ بِكَ إِلَيْنَا ؟ أَلَا بَعَثْتَ فَنَأْتِيَكَ بِكُلِّ شَيْءٍ أَرَدْتَ ؟ فَقَالَ : أُخْبِرْتُ بِهَذَا الْبَيْتِ الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَمِنَ، فَجِئْتُ أُخِيفُ أَهْلَهُ، فَقَالَ : إِنَّا نَأْتِيكَ بِكُلِّ شَيْءٍ تُرِيدُ، فَارْجِعْ. فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ، وَانْطَلَقَ يَسِيرُ نَحْوَهُ، وَتَخَلَّفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَقَامَ عَلَى جَبَلٍ، فَقَالَ : لَا أَشْهَدُ مَهْلِكَ هَذَا الْبَيْتِ وَأَهْلِهِ. ثُمَّ قَالَ :
اللَّهُمَّ إِنَّ لِكُلِّ إِلَهٍ حِلَالًا فَامْنَعْ حِلَالَكْ
لَا يَغْلِبَنَّ مِحَالُهُمْ أَبَدًا مِحَالَكْ
اللَّهُمَّ فَإِنْ فَعَلْتَ فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكْ
فَأَقْبَلَتْ مِثْلُ السَّحَابَةِ مِنْ نَحْوِ الْبَحْرِ حَتَّى أَظَلَّتْهُمْ طَيْرٌ أَبَابِيلُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قَالَ : فَجَعَلَ الْفِيلُ يَعُجُّ عَجًّا فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ وَعِنْدِي فِي هَذَا قِصَّةٌ أُخْرَى طَوِيلَةٌ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا فِيمَا قَصَدْنَاهُ كِفَايَةٌ
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ قَالَ : طَيْرٌ لَهَا خَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ الطَّيْرِ، وَأَكُفُّ كَأَكُفِّ الْكِلَابِ " *
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : طَيْرًا أَبَابِيلَ يَقُولُ :" يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا " وَفَى قَوْلِهِ : كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ يَقُولُ : التِّبْنُ
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ : طَيْرًا أَبَابِيلَ قَالَ : فِرَقٌ

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٥٢٤)
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٥٢٨)


الصفحة التالية
Icon