ورد القبائل فلا يغير على بلدهم أحد قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٧] فأكسبهم ذلك مهابة في نفوس الناس وعطفا منهم. (١)
مناسبتها لما قبلها
أشارت سورة « الفيل » إلى هذه المنّة العظيمة التي امتن بها اللّه سبحانه وتعالى على « قريش » إذ دفع عن بلدهم الحرام، وعن بيته الحرام هذا المكروه، وردّ عنهم هذا البلاء، وأخذ المعتدى على حرمة هذا البيت أخذ عزيز مقتدر.. وبهذا وجدت قريش فى هذا البلد أمنها، ووجدت فى جوار البيت الحرام حماها، وصار لها فى قلوب العرب مكانة عالية، وقدر عظيم، لا يستطيع أحد أن يحدّث نفسه بسوء ينال به أحدا من أهل هذا البلد الحرام، وقد رأى ما صنع اللّه بمن أراد به أو بأهله سوءا.. وجاءت سورة « قريش » بعد هذا، وكأنها تعقيب على حادثة الفيل، ونتيجة لازمة من نتائج هذه الحادثة.. ولهذا وصل كثير من العلماء هذه السورة بسورة الفيل، وجعل اللام فى قوله تعالى :« لِإِيلافِ قُرَيْشٍ » لام تعليل، متعلقا بقوله تعالى « فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ».. أي جعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش.. كما سنرى ذلك بعد.. (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « قريش » تسمى - أيضا - سورة « لإيلاف قريش » وهي من السور المكية عند جماهير العلماء، وقيل مدنية، والأول أصح لأنه المأثور عن ابن عباس وغيره، وعدد آياتها أربع آيات، وعند الحجازيين خمس آيات.
وكان نزولها بعد سورة « التين » وقبل سورة « القارعة »، فهي السورة التاسعة والعشرون في ترتيب النزول.
٢ - ومن أهدافها : تذكير أهل مكة بجانب من نعم اللّه - تعالى - عليهم لعلهم عن طريق هذا التذكير يفيئون إلى رشدهم، ويخلصون العبادة لخالقهم وما نحهم تلك النعم العظيمة. (٣)
في السورة تذكير لقريش بنعم اللّه عليهم ودعوة لهم إلى عبادته وقد روي أنها مدنية، غير أن أسلوبها يلهم مكيتها كما أن أكثر الروايات متفقة على ذلك. (٤)
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٨٠)
(٣) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٥١٣)
(٤) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ١٦٧)