وجاءت سورة « الماعون » لتضرب ـ والحديد ساخن ـ كما يقولون ـ على أوتار هذه القلوب الجافية، ولتهزّ تلك المشاعر الجامدة، التي عرفت طعم الشّبع بعد الجوع، وذاقت هناءة الأمن بعد الخوف، حتى تندّ بالمعروف، وتسخو بالخير، قبل أن تنسى لذعة الجوع، ورعدة الخوف. (١)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « الماعون » تسمى - أيضا - سورة « أرأيت » وسورة « الدين » وسورة « التكذيب » وهي مكية في قول الجمهور، وقيل : هي مدنية...
قال الآلوسى : هي مكية في قول الجمهور... وروى عن قتادة والضحاك أنها مدنية، وقال هبة اللّه المفسر الضرير : نزل نصفها - الأول - بمكة في العاص بن وائل، ونصفها - الثاني - بالمدينة في عبد اللّه بن أبى المنافق.
وعدد آياتها سبع آيات في المصحف العراقي، وست في المصاحف الباقية... « ١ ».
٢ - ومن أهدافها : التعجيب من حال المشركين، الذين كذبوا بالبعث، واعتدوا على اليتامى، وبخلوا بما آتاهم اللّه - تعالى - من فضله، وهجروا الصلاة، ومنعوا الزكاة. (٢)
تضمنت السورة نعيا وتنديدا بالذين يكذبون بالآخرة ويقسون على اليتيم ويحرمون المسكين من الطعام ويراؤون في صلاتهم وأعمالهم ويمنعون ماعونهم عن ذوي الحاجة إليه، وقد روي أن السورة مدنية كما روي أن آياتها الثلاث الأخيرة فقط هي مدنية. ومع احتمال صحة الرواية الأخيرة استلهاما من مضمون الآيات، فإننا نميل إلى ترجيح كونها مكية جميعها وكونها عرضا عاما لأهداف الدعوة. (٣)
سورة الماعون مكيّة، وهي سبع آيات.
مكيتها أو مدنيتها : هذه السورة مكية في قول الجمهور، مدنية في قول ابن عباس وقتادة، وقال هبة اللَّه المفسر الضرير : نزل نصفها بمكة في العاصي بن وائل، ونصفها بالمدينة في عبد اللَّه بن أبي المنافق.
تسميتها :
سميت سورة الماعون، لأن اللَّه تعالى ذم في نهايتها المدنية الذين يمنعون الماعون : وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ [٧] كالساهين عن الصلاة، والمنافقين.
والماعون : ما يستعيره الجار من جاره من أدوات الطبخ، كالقدر والملح والماء، وآلات الحراثة والزرع، كالفأس والدلو، ووسائل الخياطة كالإبرة والخيط ونحو ذلك من كل ما يستعان وينتفع به من المنافع

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٨٣)
(٢) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٥١٧)
(٣) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ١٨)


الصفحة التالية
Icon