كذلك تمثل حقيقة الهدى والخير والإيمان. وحقيقة الضلال والشر والكفران.. الأولى كثرة وفيض وامتداد.
والثانية قلة وانحسار وانبتار. وإن ظن الغافلون غير هذا وذاك..
ورد أن سفهاء قريش ممن كانوا يتابعون الرسول - ﷺ - ودعوته بالكيد والمكر وإظهار السخرية والاستهزاء. ليصرفوا جمهرة الناس عن الاستماع للحق الذي جاءهم به من عند اللّه، من أمثال العاص ابن وائل، وعقبة بن أبي معيط، وأبي لهب، وأبي جهل، وغيرهم، كانوا يقولون عن النبي - ﷺ - إنه أبتر. يشيرون بهذا إلى موت الذكور من أولاده. وقال أحدهم : دعوه فإنه سيموت بلا عقب وينتهي أمره! وكان هذا اللون من الكيد اللئيم الصغير يجد له في البيئة العربية التي تتكاثر بالأبناء صدى ووقعا. وتجد هذه الوخزة الهابطة من يهش لها من أعداء رسول اللّه - ﷺ - وشانئيه، ولعلها أو جعت قلبه الشريف ومسته بالغم أيضا.
ومن ثم نزلت هذه السورة تمسح على قلبه - ﷺ - بالرّوح والندى، وتقرر حقيقة الخير الباقي الممتد الذي اختاره له ربه وحقيقة الانقطاع والبتر المقدر لأعدائه. (١)
================