صفات الله وهي أجمل الصفات وأكملها، ولما روي أن النبي - ﷺ - قال "إن الله جميل يحب الجمال" فسألوه عن ذلك فقال: "أحد صمد لم يلد ولم يولد"، والمقشقشة يقال: قشقش الدواء الجرب إذا أبرأه لأنها تقشقش من الشرك، وقد تقدم آنفا أنه اسم لسورة الكافرون أيضا، والمعوذة لقول النبي - ﷺ - لعثمان بن مضعون وهو مريض فعوذه بها وبالسورتين اللتين بعدها وقال له: "تعوذ بها". والصمد لأن هذا اللفظ خص بها، والأساس لأنها أساس العقيدة الأسلامية والمانعة لما روي: أنها تمنع عذاب القبر ولفحات النار والمحضر لأن الملائكة تحضر لاستماعها إذا قرئت. والمنفرة لأن الشيطان ينفر عند قراءتها والبراءة لأنها تبرئ من الشرك، والمذكرة لأنها تذكر خالص التوحيد الذي هو مودع في الفطرة، والنور لما روي: أن نور القرآن قل هو الله أحد، والأمان لأن من اعتقد ما فيها أمن من العذاب.
وبضميمة اسمها المشهور ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ تبلغ أسماؤها اثنين وعشرين، وقال الفيروز آبادي في بصائر التمييز أنها تسمى الشافية فتبلغ واحدا وعشرين اسما.
وهي مكية في قول الجمهور، وقال قتادة والضحاك والسدي وأبو العالية والقرضي: هي مدنية ونسب كلا القولين إلى ابن عباس.
ومنشأ هذا الخلاف الاختلاف في سبب نزولها فروى الترمذي عن أبي بن كعب، وروى عبيد العطار عن ابن مسعود، وأبو يعلى عن جابر بن عبد الله أن قريشا قالوا للنبي - ﷺ - انسب لنا ربك فنزلت قل هو الله أحد إلى آخرها فتكون مكية.
وروى أبو صالح عن ابن عباس أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعو أخا لبيد أتيا النبي - ﷺ - فقال عامر: إلام تدعونا؟ قال: "إلى الله"، قال: صفه لنا أمن ذهب هو، أم من فضة، أم من حديد، أم من خشب؟ يحسي لجهله أن الإله صنم كأصنامهم من معدن أو خشب أو حجارة فنزلت هذه السورة، لإتكون مدنية لأنهما ما أتياه إلا بعد الهجرة.
وقال الواحدي أن أحبار اليهود منهم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف قالوا للنبي - ﷺ - صف لنا ربك لعلنا نؤمن بك، فنزلت.
والصحيح أنه مكية فإنها جمعت أصل التوحيد وهو الأكثر فيما نزل من القرآن بمكة، ولعل تأويل من قال: إنها نزلت حينما سأل عامر بن الطفيل وأربد، أو حينما سأل أحبار اليهود: أن النبي - ﷺ - قرأ عليهم هذه السورة، فظنها الراوي من الأنصار نزلت ساعتئذ أو لم يضبط الرواة عنهم عبارتهم تمام الضبط.
قال في "الإتقان": وجمع بعضهم بين الروايتين بتكرر نزولها ثم ظهر لي ترجيح أنها مدنية كما بينته في أسباب النزول اه.