وقال الواحدي: قال المفسرون إنها نزلت بسبب أن لبيد بن الأعصم سحر النبي - ﷺ -، وليس في "الصحاح" أنها نزلت بهذا السبب، وبنى صاحب الإتقان عليه ترجيح أن السورة مدنية وسنتكلم على قصة لبيد بن الأعصم عند قوله تعالى: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ [الفلق: ٤].
وقد قيل: أن سبب نزولها والسورة بعدها: أن قريشا ندبوا، أي ندبوا من اشتهر بينهم أنه يصيب النبي - ﷺ - بعينه فأنزل الله المعوذتين ليتعوذ منهم بهما، ذكره الفخر عن سعيد بن المسيب ولم يسنده.
وعدت العشرين في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة الفيل وقبل سورة الناس.
وعدد آياتها خمس بالاتفاق.
واشتهر عن عبد الله بن مسعود في "الصحيح" أنه كان ينكر أن تكون المعوذتان من القرآن ويقول: إنما أمر رسول الله أن يتعوذ بهما، أي ولم يؤمر بأنهما من القرآن. وقد أجمع أصحاب رسول الله - ﷺ - على القراءة بهما في الصلاة وكتبا في مصاحفهم، وصح أن النبي - ﷺ - قرأ بهما في صلاته.
أغراضها
والغرض منها تعليم النبي - ﷺ - كلمات للتعوذ بالله من شر ما يتقى شره من المخلوقات الشريرة، والأوقات التي يكثر فيها حدوث الشر، والأحوال التي يستر أحوال الشر من ورائها لئلا يرمى فاعلوها بتبعاتها، فعلم الله نبيه هذه المعوذة ليتعوذ بها، وقد ثبت أن النبي - ﷺ - كان يتعوذ بهذه السورة وأختها ويأمر أصحابه بالتعوذ بهما فكان التعوذ بهما من سنة المسلمين. (١)
مناسبتها لما قبلها
تقرر فى سورة « الإخلاص » ما ينبغى أن يكون عليه مفهوم المخلوقين للخالق سبحانه وتعالى، من تفرده بالألوهية، وتنزيهه أن يكون والدا أو مولودا، وعن أن تكون له نسبة إلى المخلوقات، إلا نسبة الدلالة على قدرته وحكمته، وعلمه، وأنها جميعها مفتقرة إليه فى وجودها، وفى بقائها، وأنه سبحانه لا مثيل له، ولا شبيه، ولا كفء ولا ندّ.. هذا ما أمر اللّه سبحانه النبي أن يؤمن به أولا، ثم أن يؤذن به فى الناس.. ثم جاءت بعد هذا سورتا المعوذتين، « الفلق » و« الناس » تقرران هذه الحقيقة، وتؤكدانها فى مجال التطبيق العملي لآثارها، وذلك بدعوة النبىّ والناس جميعا أن يعوذوا بربهم، وأن يستظلوا بحمى ربوبيته من كل ما يسوءهم، أو ما يتوقع أن يعرض له بسوء، فذلك هو الإيمان باللّه سبحانه، والإقرار بسلطانه القائم على هذا الوجود، وأنه وحده الذي تتجه الوجوه كلها إليه فى السراء والضراء.. فهو سبحانه القادر على كل شىء، وهو سبحانه الذي بيده مقاليد كل شىء.. أما