في مودة وعطف : تعالوا إلى هنا. تعالوا إلى الحمى. تعالوا إلى مأمنكم الذي تطمئنون فيه. تعالوا فأنا أعلم أنكم ضعاف وأن لكم أعداء وأن حولكم مخاوف وهنا.. هنا الأمن والطمأنينة والسلام..
ومن ثم تبدأ كل منهما بهذا التوجيه. «قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ».. «قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ»..
وفي قصة نزولها وقصة تداولها وردت عدة آثار، تتفق كلها مع هذا الظل الذي استروحناه، والذي يتضح من الآثار المروية أن رسول اللّه - ﷺ - استروحه في عمق وفرح وانطلاق : عن عقبة - ابن عامر - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه - ﷺ - قال : ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط؟ قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ «١»»..
وعن جابر - رضي اللّه عنه - قال : قال لي رسول اللّه - ﷺ - :«اقرأ يا جابر. قلت : ما ذا بأبي أنت وأمي؟ قال : اقرأ. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» فقرأتهما. فقال :«اقرأ بهما فلن تقرأ بمثلهما «٢»»..
وعن ذر بن حبيش قال : سألت أبي بن كعب - رضي اللّه عنه - عن المعوذتين. قلت : يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا (و كان ابن مسعود لا يثبتهما في مصحفه ثم ثاب إلى رأي الجماعة وقد أثبتهما في المصحف) فقال : سألت رسول اللّه - ﷺ - فقال :«قيل لي : قل. فقلت». فنحن نقول كما قال رسول اللّه - ﷺ - «١» وكل هذه الآثار تشي بتلك الظلال الحانية الحبيبة.. (١)
================