صورة من صور التطور الذي اقتضته حكمة التنزيل. وقد ينطوي فيه كذلك قرينة على صحة نزولها بعد السورة السابقة. وفصول السورة متساوقة منسجمة تلهم أنها نزلت فصولا متلاحقة، والمصحف الذي اعتمدناه يذكر أن الآيات [١٦٣ - ١٧٠] مدنية وجمهور المفسرين يؤيدون ذلك. وأسلوب الآيات ومضمونها يلهمان صحة الرواية.
وسياقها السابق واللاحق متساوق معها حيث يبدو في ذلك حكمة إضافتها إلى هذه السورة وفيه كذلك صورة من صور تأليف السور القرآنية. (١)
سورة الأعراف مكية وهي مائتان وست آيات.
تسميتها :
سميت بسورة الأعراف لورود اسم الأعراف فيها، وهو سور بين الجنة والنار، قال ابن جرير الطبري : الأعراف جمع عرف، وكل مرتفع من الأرض عند العرب يسمى عرفا، وإنما قيل لعرف الديك عرفا لارتفاعه. روى ابن جرير الطبري عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف، فقال : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة، وخلفت بهم حسناتهم عن النار، فوقفوا هناك على السور حتى يقضي اللّه فيهم.
صفة نزولها :
هي مكية، إلا ثمان آيات، وهي قوله تعالى : وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ إلى قوله : وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ.
موضوعها :
نزلت هذه السورة لتفصيل قصص الأنبياء وبيان أصول العقيدة، وهي كسورة الأنعام بل كالبيان لها، لإثبات توحيد اللّه عزّ وجلّ، وتقرير البعث والجزاء، وإثبات الوحي والرسالة، ولا سيما عموم بعثة النبي - ﷺ -.
ما اشتملت عليه السورة :
تضمنت سورة الأعراف التي هي من أطول السور المكية ما يلي من مبادئ العقيدة الإسلامية :
١ - القرآن كلام اللّه : افتتحت السورة بالتنويه بالقرآن العظيم معجزة الرسول الخالدة، وأنه نعمة من اللّه، وأنه يجب اتباع تعاليمه.

(١) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ٣٦١)


الصفحة التالية
Icon