وعن عبيد بن عمير أنه سماها "المنقرة" (بكسر القاف مشددة) لأنها نقرت عما في قلوب المشركين (لعله يعني من نوايا الغدر بالمسلمين والتمالي على نقض العهد وهو من نقر الطائر إذا أنفى بمنقاره موضعا من الحصى ونحوه ليبيض فيه).
وعن المقداد بن الأسود، وأبي أيوب الأنصاري: تسميتها "البحوث" - بباء موحدة مفتوحة في أوله وبمثلثة في آخره بوزن فعول - بمعنى الباحثة، وهو مثل تسميتها "المنقرة".
وعن الحسن البصري أنه دعاها "الحافرة" كأنها حفرت عما في قلوب المنافقين من النفاق، فأظهرته للمسلمين.
وعن قتادة: أنها تسمى "المثيرة" لأنها أثارت عورات المنافقين وأظهرتها. وعن ابن عباس أنه سماها "المبعثرة" لأنها بعثرت عن أسرار المنافقين، أي أخرجتها من مكانها.
وفي "الإتقان": أنها تسمى "المخزية" بالخاء - والزاي المعجمة وتحتية بعد الزاي وأحسب أن ذلك لقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾. [التوبة: ٢].
وفي "الإتقان" أنها تسمى "المنكلة"، أي بتشديد الكاف وفيه أنها تسمى "المشددة".
وعن سفيان أنها تسمى "المدمدمة" - بصيغة اسم الفاعل من دمدم إذا أهلك لأنها كانت سبب هلاك المشركين. فهذه أربعة عشر اسما.
وهي مدنية بالاتفاق. قال في "الإتقان": واستثنى بعضهم قوله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ [التوبة: ١١٣] الآية ففي "صحيح البخاري" أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي - ﷺ - فقال: "يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله" فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب". فكان آخر قول أبي طالب: أنه على ملة عبد المطلب، فقال النبي: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك". وتوفي أبو طالب فنزلت ﴿كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣].
وشذ ما روي عن مقاتل: أن آيتين من آخرها مكيتان، وهما ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ١١٢] إلى آخر السورة. وسيأتي ما روي أن قوله تعالى: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ﴾ [التوبة: ١٩]. الآية. نزل في العباس إذ أسر يوم بدر فعيره علي بن أبي طالب بالكفر وقطيعة الرحم، فقال: نحن نحجب الكعبة الخ.
وهذه السورة آخر السور نزولا عند الجميع، نزلت بعد سورة الفتح، في قول جابر بن زيد، فهي السورة الرابعة عشر بعد المائة في عداد نزول سور القرآن. وروي: أنها نزلت في أول شوال سنة تسع، وقيل آخر