وقال سعيد بن جبير : كانت مثل سورة البقرة.
وقول رابع :- قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما. قالوا : لما كتبوا المصحف في خلافة عثمان اختلف أصحاب رسول اللّه - ﷺ - فقال بعضهم : براءة والأنفال سورة واحدة، وقال بعضهم : هما سورتان، فتركت بينهما فرجة لقول من قال إنهما سورتان وتركت بسم اللّه الرحمن الرحيم لقول من قال هما سورة واحدة، فرضي الفريقان معا، وثبت حجتاهما في المصحف.
وقول خامس : قال عبد اللّه بن عباس : سألت على بن أبى طالب لما ذا لم يكتب في براءة بسم اللّه الرّحمن الرحيم؟ قال : لأن بسم اللّه الرحمن الرحيم أمان، وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان.
- وكذا قال المبرد : إن التسمية افتتاح للخير، وأول هذه السورة وعيد ونقض عهود، فلذلك لم تفتتح بالتسمية.
ثم قال القرطبي والصحيح أن التسمية لم تكتب، لأن جبريل - عليه السلام - ما نزل بها في هذه السورة.. ».
هذا، وقول القرطبي : والصحيح أن التسمية لم تكتب... إلخ، هو القول الذي نعتمده، وتطمئن إليه قلوبنا، وقد رجحه المحققون من العلماء.
فقد قال الفخر الرازي - وقد ذكر ستة أوجه في سبب إسقاط التسمية من أولها - :
الصحيح أنه - ﷺ - أمر بوضع هذه السورة بعد سورة الأنفال وحيا، وأنه حذف بسم اللّه الرحمن الرحيم من أول هذه السورة وحيا.
وقال الجلال : ولم تكتب فيها البسملة لأنه - ﷺ - لم يأمر بذلك، كما يؤكد من حديث رواه الحاكم.
أى أنه - كما يقول الجمل - لا مدخل لرأى أحد في الإثبات والترك، وإنما المتبع في ذلك هو الوحى والتوقيف وحيث لم يبين النبي - ﷺ - ذلك تعين ترك التسمية، لأن عدم البيان من الشارع في موضع البيان بيان للعدم ».
وقال بعض العلماء : ولم تكتب في أولها البسملة لعدم أمره - ﷺ - بكتابتها، إذ لم ينزل بها جبريل - عليه السلام - والأصل في ذلك التوقيف ».
أما الأقوال الخمسة التي نقلناها عن القرطبي - منذ قليل - في سبب سقوط البسملة من أول سورة التوبة، فإننا لا نرى واحدا منها يعتمد عليه في هذا الأمر. لأن القول الأول الذي حكاه بقوله : قيل كان من شأن العرب... إلخ. إنما هو تعليل عقلي على سبيل الاجتهاد لبيان الحكمة في عدم كتابة البسملة في أولها. ومثل هذا التعليل يقال في القول الخامس الذي حكاه ابن عباس، عن على بن أبى طالب.


الصفحة التالية
Icon