وهذه الحقائق الأساسية التي تستهدف السورة تقريرها هي :
أن ما جاء به النبي - ﷺ - وما جاء به الرسل من قبله حقيقة واحدة موحى بها من اللّه - سبحانه - وهي تقوم على الدينونة للّه وحده بلا شريك. والتلقي في هذه الدينونة عن رسل اللّه وحدهم كذلك. والمفاصلة بين الناس على أساس هذه الحقيقة :
ففي مقدمة السورة تجيء هذه الآيات عن حقيقة دعوة رسول اللّه - ﷺ - :
«الر. كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ. أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ»..
«أم يقولون : افتراه؟ قل : فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين. فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم اللّه، وأن لا إله إلا هو، فهل أنتم مسلمون؟».
وفي قصص الرسل يرد عن حقيقة دعوتهم وعن المفاصلة بينهم وبين قومهم وأهلهم على أساس العقيدة :«وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ، إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ. أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ».
«قال : يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم، أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟»..
«ونادى نوح ربه فقال : رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال : يا نوح إنه ليس من أهلك، إنه عمل غير صالح، فلا تسألن ما ليس لك به علم، إني أعظك أن تكون من الجاهلين».
«وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ : يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ»..
«وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً، قالَ : يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ، هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ»..
«قالَ : يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً، فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ؟ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ»..
«وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً، قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ...».
«قالَ : يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً...».
وفي التعقيب ترد هذه الآيات عن حقيقة الدعوة وعن المفاصلة بين الناس على أساسها :«وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ، ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ»..