١ - امتلاكه لنفسه ولشهوته مهما كانت المغريات، بسبب خوفه لمقام ربه، ونهيه لنفسه عن الهوى...
ولا أدل على ذلك من قوله - تعالى - : وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ، قالَ مَعاذَ اللَّهِ، إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ، إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ...
قال الشيخ القاسمى : قال الإمام ابن القيم ما ملخصه :« لقد كانت دواعي متعددة تدعو يوسف إلى الاستجابة لطلب امرأة العزيز منها : ما ركبه اللّه في طبع الرجل من ميله إلى المرأة...
ومنها : أنه كان شابا غير متزوج.. ومنها : أنها كانت ذات منصب وجمال.. وأنها كانت غير آبية ولا ممتنعة... بل هي التي طلبت وأرادت وبذلت الجهد..
ومنها : أنه كان في دارها وتحت سلطانها.. فلا يخشى أن تنم عليه..
ومنها : أنها استعانت عليه بأئمة المكر والاحتيال فأرته إياهن، وشكت حالها إليهن...
ومنها : أنها توعدته بالسجن والصغار إن لم يفعل ما تأمره به..
ومنها : أن الزوج لم يظهر من الغيرة والقوة ما يجعله يفرق بينه وبينها...
ومع كل هذه الدواعي، فقد آثر يوسف مرضاة اللّه ومراقبته، وحمله خوفه من خالقه على أن يختار السجن على ارتكاب ما يغضبه... »
.
٢ - صبره الجميل على المحن والبلايا، ولجوؤه إلى ربه ليستجير به من كيد امرأة العزيز وصواحبها : قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ...
٣ - نشره للدين الحق، ودعوته لعبادة اللّه وحده، حتى وهو بين جدران السجن، فهو القائل لمن معه في السجن : يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ، أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ....
٤ - حسن تدبيره للأمور، وتوصله إلى ما يريده بأحكم الأساليب، وحرصه الشديد على إنقاذ الأمة مما يضرها ويعرضها للهلاك، قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ...
٥ - عزة نفسه، وسمو خلقه، فقد أبى أن يذهب لمقابلة الملك إلا بعد إعلان براءته وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ، فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ...
٦ - تحدثه بنعمة اللّه، ومعرفته لنفسه قدرها، وطلبه المنصب الذي يناسبه، ويثق بقدرته على القيام بحقوقه قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ.


الصفحة التالية
Icon