عقائدهم. والقصة في هذه السورة جاءت مباشرة على نمط قصة موسى وفرعون في سورة القصص. وفي الآيات ما يلهم أنها نزلت إجابة لسؤال أو استفسار. وقد احتوت آيات القصة حكما ومواعظ وعبرا عديدة بحيث تطابقت في ذلك مع أسلوب القصص القرآنية وهدفها بوجه عام، وفي الآيات التي تبعت فصول القصة ما يربط بينها وبين هذه الفصول بحيث يسوغ القول إن فصول السورة نزلت متتابعة إلى أن تمت.
والمصحف الذي اعتمدناه يروي أن الآيات [١ و٢ و٣ و٧] مدنيات، وانسجام هذه الآيات في الموضوع والسياق وصلتها بهما ومماثلة محتواها لمحتوى آيات مكية لا خلاف فيها يجعلنا نشك في صحة الرواية. (١)
سورة يوسف عليه السّلام مكية وهي مائة وإحدى عشرة آية.
تسميتها وسبب نزولها :
سميت سورة يوسف، لإيراد قصة النبي يوسف عليه السّلام فيها،
روي أن اليهود سألوا رسول اللّه - ﷺ - عن قصة يوسف فنزلت السورة.
وقال سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه - فيما رواه عنه الحاكم وغيره - : أنزل القرآن على رسول اللّه - ﷺ -، فتلاه عليهم زمانا، فقالوا : لو قصصت علينا فنزل : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ [يوسف ١٢/ ٣] و[الكهف ١٨/ ١٣] فتلاه عليهم زمانا، فقالوا : لو حدثتنا فنزل : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ [الزمر ٣٩/ ٢٣].
وقد نزلت بعد اشتداد الأزمة على النبي - ﷺ - في مكة مع قريش، وبعد عام الحزن الذي فقد فيه النبي زوجته الطاهرة خديجة، وعمه أبا طالب الذي كان نصيرا له.
روي في سبب نزولها أن كفار مكة لقي بعضهم اليهود وتباحثوا في شأن محمد - ﷺ -، فقال لهم اليهود : سلوه، لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر، وعن قصة يوسف، فنزلت.
وبالرغم من أنها سورة مكية، فأسلوبها هادئ ممتع، مصطبغ بالأنس والرحمة، واللطف والسلاسة، لا يحمل طابع الإنذار والتهديد كما هو الشأن الغالب في السور المكية. قال عطاء : لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها. وروى البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أن طائفة من اليهود حين سمعوا رسول اللّه - ﷺ - يتلو هذه السورة، أسلموا لموافقتها ما عندهم.
مناسبتها لما قبلها :

(١) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٤ / ٧)


الصفحة التالية
Icon