قال النبي - ﷺ - عن يوسف فيما أخرجه أحمد والبخاري عن ابن عمر :«الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم».
وكان يوسف رائع الجمال، محبوبا لدى أبيه، مما أثار حقد إخوته عليه وتآمرهم عليه. وقد رأى في منامه في صغره في سن السابعة عشرة سنة أو الثانية عشرة أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر سجدوا له، فقصّ الرؤيا على أبيه، فبشره بالنبوة وتعبير الأحلام.
إلقاء يوسف في البئر :
أخذه إخوته معهم إلى البرية بقصد السياحة واللعب، ثم ألقوه في البئر، وأخبروا أباهم كذبا أن الذئب أكله، فلم يقتنع الأب الصالح بكلامهم، واتهمهم بمكيدة أوقعوها فيه، ثم أنقذه اللّه بتعلقه بحبل دلو أدلي في البئر، ثم باعه آخذوه في مصر بثمن نجس، وادعوا أنهم اشتروه من سيده، باعوه لرئيس الشرطة وهو العزيز في محافظة الشرقية قرب بحيرة المنزلة، واسمه (فوطيفار) أو (أطفير) فأحبه وقال لامرأته زليخا : أَكْرِمِي مَثْواهُ.. وجعله صاحب أمره ونهيه، ورئيس خدمه والمتصرف في بيته، وتولاه اللّه تعالى بالهداية والتربية والتوفيق.
محنة يوسف :
وكان جماله الرائع سبب محنته،
روى مسلم في صحيحة أنه - ﷺ - قال :«فإذا أنا بيوسف إذا هو قد أعطي شطر الحسن»
فأحبته امرأة العزيز، وراودته عن نفسه، فأبى إيمانا باللّه، وامتثالا لأمره، واجتنابا لمنهياته، وتقديرا لأفضال زوجها عليه : إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ، إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ وامتنع همّه بها لوجود البرهان عنده، وهو حرصه على الطاعة، والتمسك بآداب آبائه، لأن لَوْ لا حرف امتناع لوجود، امتنع الهم لوجود البرهان، كما في قوله تعالى : وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً، إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ، لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها، لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [القصص ٢٨/ ١٠] أي امتنع إبداؤها بما في نفسها على ابنها، لوجود الربط على قلبها.
مكيدة امرأة العزيز :
ولما خابت في تحقيق رغبتها منه، حقدت عليه، كما هو شأن السادة عند ما يخالفهم أحد الأتباع. ولما رأت زوجها لدى الباب يريد الدخول، لفقت عليه التهمة، وأفهمته أنه يريدها بسوء، فكذبها يوسف الصّديق، فاحتكم الزوج العاقل إلى القرائن : إن كان قميصه مزّق من الأمام فهي الكاذبة، وإن مزق من الخلف فهو الصادق، لأن المقدم على المرأة يظهر أثر مقاومتها ودفاعها من الناحية الإمامية، والهارب