والنّبات، والصّواعق قد تكون سببا للإفناء، وذلك مناقض للماء الذي هو رحمة، والجمع بين النّقيضين من العجائب.
ناسبتها لما قبلها :
هناك تناسب بين سورة الرّعد وسورة يوسف في الموضوع والمقاصد ووصف القرآن، أما الموضوع فكلاهما تضمّنتا الحديث عن قصص الأنبياء مع أقوامهم، وكيف نجّى اللّه المؤمنين المتّقين وأهلك الكافرين، وأما المقاصد فكلّ من السّورتين لإثبات توحيد الإله ووجوده، ففي سورة يوسف : أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ. وفي سورة الرّعد : اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها.. [٢ - ٤]. قُلْ : مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ : اللَّهُ [١٦]، وفيهما من الأدلّة على وجود الصّانع الحكيم وكمال قدرته وعلمه ووحدانيته الشيء الكثير، ففي سورة يوسف : وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها، وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ. وفي سورة الرّعد آيات دالّة على قدرة اللّه تعالى وألوهيّته مثل الآيات [٢ - ٤]، والآيات [٨ - ١١]، والآيات [١٢ - ١٦]، والآيتان [٣٠ و٣٣].
وأما وصف القرآن فختمت به سورة يوسف : ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.
وبدئت سورة الرّعد بقوله سبحانه : تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ، وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ.
ما اشتملت عليه السّورة :
تحدثت سورة الرّعد عن مقاصد السّور المدنية التّي تشبه مقاصد السّور المكيّة، وهي التّوحيد وإثبات الرّسالة النّبوية، والبعث والجزاء، والرّد على شبهات المشركين. وأهم ما اشتملت عليه هو ما يأتي :
١ - بدئت السّورة بإقامة الأدلّة على وجود اللّه تعالى ووحدانيته، من خلق السّموات والأرض، والشّمس والقمر، والليل والنّهار، والجبال والأنهار، والزّروع والثّمار المختلفة الطّعوم والرّوائح والألوان، وأن اللّه تعالى منفرد بالخلق والإيجاد، والإحياء والإماتة، والنّفع والضّر.
٢ - إثبات البعث والجزاء في عالم القيامة، وتقرير إيقاع العذاب بالكفار في الدّنيا.
٣ - الإخبار عن وجود ملائكة تحفظ الإنسان وتحرسه بأمر اللّه تعالى.
٤ - إيراد الأمثال للحقّ والباطل، ولمن يعبد اللّه وحده ولمن يعبد الأصنام، بالسّيل والزّبد الذي لا فائدة فيه، وبالمعدن المذاب، فيبقي النّقي الصّافي ويطرح الخبث الذي يطفو.
٥ - تشبيه حال المتّقين أهل السّعادة الصّابرين المقيمي الصّلاة بالبصير، حال العصاة الذين ينقضون العهد والميثاق، ويفسدون في الأرض بالأعمى.


الصفحة التالية
Icon