٥ - هذا، وبمطالعتنا لهذه السورة الكريمة بتدبر وتأمل نراها في مطلعها تحدثنا عن وظيفة القرآن الكريم، وعن جانب من مظاهر قدرة اللّه - تعالى -، وعن سوء عاقبة الكافرين، وعن الحكمة في إرسال كل رسول بلسان قومه قال - تعالى - : الر. كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ.. وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ، فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
ثم نراها بعد ذلك تحدثنا عن طرف من رسالة موسى - عليه السلام - مع قومه، وعن أخبار بعض الأنبياء مع أقوامهم، وعن نماذج من المحاورات التي دارت بين الرسل وبين من أرسلوا إليهم. قال - تعالى - : وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ....
ثم تضرب السورة الكريمة بعد ذلك مثلا لأعمال الكافرين، وتصور أحوالهم عند ما يخرجون من قبورهم يوم القيامة، وتحكى ما يقوله الشيطان لهم في ذلك اليوم... فتقول :
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ...
وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً...
وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ.
ثم تسوق السورة مثلا آخر لكلمتى الإيمان والكفر فتقول : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ...
ثم يحكى ألوانا متعددة من الأدلة على وحدانية اللّه - تعالى - وعلمه وقدرته ونعمه على عباده فتقول : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ، وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ، وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ....
ثم تسوق بعد ذلك تلك الدعوات الصالحات الجامعات لأنواع الخير، التي تضرع بها إبراهيم إلى ربه فتقول : وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ.... رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ.
ثم يختم - سبحانه - هذه السورة الكريمة بآيات فيها ما فيها من أنواع العذاب الذي أعده للظالمين، وفيها ما فيها من ألوان التحذير من السير في طريق الكافرين والجاحدين فيقول :