وينطوي في الأحاديث تنويه نبوي بفضل هذه السورة لا بدّ من أن يكون له حكمة قد يكون منها ما احتوته من أمثال ومواعظ. وبالإضافة إلى هذا ففي الأحاديث قرينة على أن هذه السورة أو السور القرآنية كانت تامة الترتيب معروفة الأسماء في حياة النبي - ﷺ -. (١)
سورة الكهف مكية، وهي مائة وعشر آيات.
تسميتها :
سميت سورة الكهف، لبيان قصة أصحاب الكهف العجيبة الغريبة فيها في الآيات [٩ - ٢٦] مما هو دليل حاسم ملموس على قدرة اللّه الباهرة.
وهي إحدى سور خمس بدئت ب الْحَمْدُ لِلَّهِ : وهي الفاتحة، الأنعام، الكهف، سبأ، فاطر. وهو استهلال يوحي بعبودية الإنسان للّه تعالى، وإقراره بنعمه وأفضاله، وتمجيد اللّه عز وجل، والاعتراف بعظمته وجلاله وكماله.
مناسبتها لما قبلها :
تظهر مناسبة وضع هذه السورة بعد سورة الإسراء من نواح : هي افتتاح الإسراء بالتسبيح، وهذه بالتحميد، وهما مقترنان في القرآن وسائر الكلام بحيث يسبق التسبيح التحميد، نحو : فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [الحجر ١٥/ ٩٨] وفي الحديث :«سبحان اللّه وبحمده». كما أن الإسراء اختتمت بالتحميد أيضا، فتشابهت الأطراف أيضا.
ولما أمر اليهود المشركين أن يسألوا النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن ثلاثة أشياء : عن الروح، وعن قصة أصحاب الكهف، وعن قصة ذي القرنين، أجاب تعالى في آخر سورة بني إسرائيل عن السؤال الأول، وقد أفرد فيها لعدم الجواب عن الروح، ثم أجاب تعالى في سورة الكهف عن السؤالين الآخرين، فناسب اتصالهما ببعضهما.
ولما ذكر تعالى في الإسراء : وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [٨٥] ناسب ذكر قصة موسى مع العبد الصالح الخضر، كالدليل على ما تقدم. وقد ورد في الحديث : أنه لما نزل : وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا قال اليهود : قد أوتينا التوراة فيها علم كل شيء، فنزل : قُلْ : لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ... [١٠٩].