المبحث الثالث
ترتيب القرآن
ترتيب القرآن: تلاوته تالياً بعضه بعضاً حسبما هو مكتوب في المصاحف ومحفوظ في الصدور.
وهو ثلاثة أنواع:
[النوع الأول]: ترتيب الكلمات بحيث تكون كل كلمة في موضعها من الآية، وهذا ثابت بالنص والإِجماع، ولا نعلم مخالفاً في وجوبه وتحريم مخالفته، فلا يجوز أن يقرأ: لله الحمد رب العالمين بدلاً من ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الفاتحة: ٢].
[النوع الثاني]: ترتيب الآيات بحيث تكون كل آية في موضعها من السورة، وهذا ثابت بالنص والإِجماع، وهو واجب على القول الراجح وتحرم مخالفته ولا يجوز أن يقرأ: مالك يوم الدين الرحمن الرحيم بدلاً من: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾[الفاتحة] ففي "صحيح البخاري عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ : قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ : قُلْتُ لِعُثْمَانَ : هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي البَقَرَةِ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة : ٢٤٠] قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى، فَلِمَ تَكْتُبُهَا ؟ قَالَ :" تَدَعُهَا يَا ابْنَ أَخِي، لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ "، قَالَ حُمَيْدٌ : أَوْ نَحْوَ هَذَا (١)
وعَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ : قُلْتُ لِعُثْمَانَ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الأَنْفَالِ، وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي، وَإِلَى بَرَاءَةَ، وَهِيَ مِنَ الْمِائَيْنِ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَوَضَعْتُمُوهُمَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَةٌ، قَالَ : ضَعُوهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَكَانَتِ الأَنْفَالُ مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَبَرَاءَةُ مِنْ آخِرِهَا نَزَلَ، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا تُشْبِهُ قِصَّتَهَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا رَسُولُ اللهِ - ﷺ - فِي ذَلِكَ شَيْئًا، فَمِنْ ثَمَّ قَرَنَّا بَيْنَهُمَا، وَلَمْ نَكْتُبْ بَيْنَهُمَا بِسَطْرِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ." (٢)
وعن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ : مَا حَمَلَكُمْ أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ المَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنَ المِئِينَ فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَوَضَعْتُمُوهَا فِي
(٢) - مسند البزار - (١ / ٨٢) ( ٣٤٤) صحيح