وفصول السورة مترابطة منسجمة كما أن آياتها متماثلة في التسجيع وأكثر مقاطعها متوازنة مقفاة مما يسوغ القول إنها نزلت فصولا متلاحقة. وفيها آية معترضة تعلّم النبيّ - ﷺ - أدب تلقي القرآن. ومشابهة لآيات سورة القيامة [١٦ - ١٩].
وقد روي أن الآيتين [١٣٠ - ١٣١] مدنيتان. وانسجامهما مع السياق سبكا وموضوعا يسوّغ الشك في الرواية. وفي فاتحة السورة ما يمكن أن يكون قرينة على صحة نزولها بعد سورة مريم. (١)
سورة طه مكية، وهي مائة وخمس وثلاثون آية.
التسمية :
سميت (سورة طه) لابتداء السورة بالنداء بها طه، ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى وهو اسم من أسماء النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وفي ذلك تكريم له، وتسلية عما يلقاه من إعراض قومه.
مناسبتها لما قبلها :
تظهر مناسبة هذه السورة لما قبلها من وجوه هي :
أولا - أن طه نزلت بعد سورة مريم، كما روي عن ابن عباس.
ثانيا - أنه ذكر في سورة مريم قصص عدد من الأنبياء والمرسلين (عشرة) مثل زكريا ويحيى وعيسى وإبراهيم، وموسى الذي ذكرت قصته موجزة مجملة، فذكرت في هذه السورة موضحة مفصلة، كما وضحت قصة آدم عليه السلام الذي لم يذكر في سورة مريم إلا مجرد اسمه فقط.
ثالثا - أنه ذكر في آخر سورة مريم تيسير القرآن باللسان العربي، لسان محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم للتبشير والإنذار، وابتدئ ذكر هذه السورة بتأكيد هذا المعنى.
ما اشتملت عليه السورة :
موضوع هذه السورة كموضوعات سائر السور المكية وهو إثبات أصول الدين من التوحيد والنبوة والبعث. وكانت بداية السورة ذات إيحاء وتأثير عجيب، من خلال الحديث عن سلطان اللّه وعظمته وقدرته وشمول علمه، وقد أدرك هذا عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه حين تلاوتها في بداية إسلامه، كما هو معروف في قصة إسلامه.
وتضمنت السورة ما يأتي :

(١) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٣ / ١٨٦)


الصفحة التالية
Icon