تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها، وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ..
٤ - وبعد أن ساقت السورة الكريمة نماذج متنوعة لأحوال الناس في هذه الحياة، وأقامت الأدلة على أن البعث حق... أتبعت ذلك ببشارة المؤمنين بما يشرح صدورهم. قال - تعالى - إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ.
ثم بينت السورة الكريمة أن كل شيء في هذا الكون يسجد للّه - تعالى - وأن كثيرا من الناس ينال الثواب بسبب إيمانه وعمله الصالح، وكثيرا منهم يصيبه العقاب بسبب كفره وفسوقه. قال - تعالى - أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ، وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ، إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ.
٥ - وبعد أن عقدت السورة الكريمة مقارنة بين خصمين اختصموا في ربهم، وبينت عاقبة كل منهما... أتبعت ذلك بحديث مفصل عن فريضة الحج. فذكرت سوء عاقبة الكافرين الذين يصدون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام، كما بينت أن اللّه - تعالى - قد أمر نبيه إبراهيم بأن يؤذن للناس بالحج، لكي يشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم اللّه في أيام معلومات، كما بشرت الذين يعظمون حرمات اللّه بالخير وحسن الثواب، ووصفت من يشرك باللّه فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ.
ثم ختمت حديثها عن فريضة الحج ببيان أن الهدى الذي يقدمه الحجاج هو من شعائر اللّه، فعليهم أن يقدموه بإخلاص وسخاء، وأن يشكروا اللّه - تعالى - على نعمه. قال - تعالى - : وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ، فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ، فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ، كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ، كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ.
٦ - ثم بينت السورة أن اللّه - تعالى - قد شرع لعباده المؤمنين الجهاد في سبيله، وبشرهم بأنه معهم يدافع عنهم، ويجعل العاقبة لهم. فقال - تعالى - إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.
ثم أخذت السورة الكريمة في تسلية الرسول - ﷺ - عما أصابه من قومه...
قال - تعالى - : وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى، فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ، ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ.


الصفحة التالية
Icon