وقد بقي على ما كان عليه حتى الآن متَّفقاً عليه بين المسلمين متواتراً بينهم، يتلقاه الصغير عن الكبير، لم تعبث به أيدي المفسدين، ولم تطمسه أهواء الزائغين فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين. (١)
الرد على ما يثار حول جمع القرآن من شبه
كان القرآن ولا يزال هدفا لأعداء الإسلام يسددون إليه سهام المطاعن ويتخذون من علومه مثارا للشبهات يلفقونها زورا وكذبا ويروجونها ظلما وعدوانا من ذلك ما نقصه عليك في موضوعنا هذا مشفوعا بالتفنيد فيما يأتي الشبهة الأولى وهي تعتمد على سبع شبه يقولون إن في طريقة كتابة القرآن وجمعه دليلا على أنه قد سقط منه شيء وأنه ليس اليوم بأيدينا على ما زعم محمد أنه أنزل عليه واعتمدوا في هذه الشبهة على المزاعم الآتية أولا أن محمدا قال رحم الله فلانا لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أسقطتهن ويرى أنسيتهن فهذا الحديث فيه اعتراف من النبي نفسه بأنه أسقط عمدا بعض آيات القرآن أو أنسيها
ثانيا أن ما جاء في سورة الأعلى !< سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله >! ٨٧ الأعلى٦، ٧ يدل بطريق الاستثناء الواقع فيه على أن محمدا قد أسقط عمدا أو أنسي آيات لم يتفق له من يذكره إياها ثالثا أن الصحابة حذفوا من القرآن كل ما رأوا المصلحة في حذفه فمن ذلك آية المتعة أسقطها علي بن أبي طالب بتة وكان يضرب من يقرؤها وهذا مما شنعت عائشة به عليه فقالت إنه يجلد على القرآن وينهى عنه وقد بدله وحرفه رابعا أن أبي بن كعب حذف من القرآن ما كان يرويه ولا نجده اليوم في المصحف وهو اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق خامسا أن كثيرا من آياته لم يكن لها قيد سوى تحفظ الصحابة وكان بعضهم قد قتلوا في مغازي محمد وحروب خلفائه الأولين وذهب معهم ما كانوا يتخطفونه من قبل أن يوعز أبو بكر إلى زيد بن ثابت بجمعه فلذلك لم يستطع زيد أن يجمع سوى ما كان يتحفظه الأحياء سادسا أن ما كان مكتوبا منه على العظام وغيرها فإنه كان مكتوبا عليها بلا نظام ولا ضبط وقد ضاع بعضها وهذا ما حدا العلماء إلى الزعم أن فيه آيات نسخت حرفا لا حكما وهو من غريب المزاعم وحقيقة الأمر فيها أنها سقطت بتة بضياع العظم الذي كانت مكتوبة عليه ولم يبق

(١) - تفسير القرآن للعثيمين - (١ / ١٧)


الصفحة التالية
Icon